فن الإفراط في الصفة: في قوله تعالى «وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا» وهذا الفن هو أن يذكر المتكلم حالا، لو وقف عندها، لأجزأت؛ فلا يقف عندها حتى يزيد في كلامه ما يكون أبلغ في معنى قصده.
وفي الآية الكريمة، لو أنه قال: صفا ووقف لأجزأه ذلك، ولكن لم يقف عنده، بل تعداه ليكون الكلام أبلغ.
الفوائد:
- حذف الاسم المضاف:
وورد ذلك في الآية التي نحن بصددها {(وَجاءَ رَبُّكَ)} أي أمر ربك. وكذلك قوله تعالى {(فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ)} أي (أتى أمر الله). ومن حذف المضاف ما نسب فيه حكم شرعي إلى ذات، لأن الطلب لا يتعلّق إلا بالأفعال، كقوله تعالى {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)} أي استمتاعهن، {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)} أي أكلها، {(حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ)} أي تناولها. ومن ذلك ما علق فيه الطلب بما قد وقع، كقوله تعالى: {(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)} أي بمضمونها، {(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ)} أي بمقتضاه، ومنه {(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها)} أي أهل القرية وأهل العير، {(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً)} أي أهل مدين، {(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها)} أي أهل قرية؛ ومن ذلك نيابة المصدر عن الزمان، كقولنا:
جئتك طلوع الشمس، أي وقت طلوعها؛ وقولك: أفطرت غروب الشمس، أي