لكن مجيء مثل هذا الكلام على لسانه (صلّى الله عليه وسلم) كان من غير صنعة وتكلف، وقد اتفق له كذلك من غير قصد إليه، وإن جاء موزونا، كما يحدث في كثير من كلام الناس في خطبهم ورسائلهم ومحاوراتهم كلام موزون يدخل في وزن البحور، ومع ذلك فإن الخليل لم يعد المشطور من الرجز شعرا، علما بأن هذا القليل النادر لا يقاس عليه، وجميع أحاديث النبي (صلّى الله عليه وسلم) لم يكن فيها شيء من الشعر.
حكم الشعر في الإسلام:
الإسلام لم يحارب الشعر، وكان (صلّى الله عليه وسلم) يحث حسان رضي الله عنه ويقول له:
(اهجهم وجبريل معك). وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن الشعر إنما هو كلام من جملة الكلام، فإن دعا إلى فضيلة أو خلق كريم فهو لا بأس به، وشيء حسن، ولا ينضوي صاحبه تحت قوله تعالى {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ}، لأنه عند نزول هذه الآية برأ رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) كعبا وحسان وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم من انطباق حكمها عليهم.
أما إن تضمن منكرا من القول وزورا، أو سخّر لبعث الأحقاد أو النيل من الأعراض، أو محاربة الحق، فهذا هو الشعر المذموم، والذي ينضوي صاحبه تحت قوله تعالى {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} والله أعلم.