للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبههم في شرابهم بالإبل العطاش، التي لا يرويها الماء، لداء يصيبها يشبه الاستسقاء، فلا تزال تعب في الشراب حتى تهلك، أو تسقم سقما شديدا. ووجه الشبه أن كلا منهما يشرب ولا يرتوي، مما يحثه على طلب المزيد من الشراب.

فن التهكم: في قوله تعالى {هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} حيث سمّى أنواع العذاب وضربوا الأهوال نزلا، تهكما بهم، لأن النزل في الحقيقة: الرزق الذي يعدّ للنازل تكريما له، وهذا التهكم كما في قوله تعالى {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} وكقول أبي الشعراء الضبي:

وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا... جعلنا القنا والمرهفات له نزولا

الفوائد:

- الفاء المفردة..

ترد على ثلاثة أوجه..

١ - أن تكون عاطفة وتفيد ثلاثة أمور:

١ - الترتيب، وهو نوعان: معنوي كما في (قام زيد فعمرو) وذكري، وهو عطف مفصّل على مجمل، كقوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ} و {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً}.

٢ - التعقيب: وهو في كل شيء بحسبه، ألا ترى أنه يقال: (تزوّج فلان فولد له) إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل. وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}.

٣ - السببيّة: وذلك غالب في العاطفة جملة أو صفة. فالجملة مثل قوله تعالى {فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ} والصفة: كقوله تعالى: {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}.

٢ - الوجه الثاني للفاء: أن تكون رابطة للجواب، كقوله تعالى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

ويجب اقتران جواب الشرط بالفاء إذا كان جملة اسمية، أو فعلية، فعلها طلبي

<<  <  ج: ص:  >  >>