قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب حدثني سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني عن أبيه عن جده رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزل في موضع المسجد تحت دومة، فأقام ثلاثاً ثم خرج إلى تبوك، وإن جهينة لحقوه بالرحبة، فقال لهم: من أهل ذي المروة؟ فقالوا: بنو رفاعة من جهينة، فقال: قد أقطعتها لبني رفاعة، فاقتسموها، فمنهم من باع، ومنهم من أمسك فعمل)، ثم سألت أباه عبد العزيز عن هذا الحديث فحدثني ببعضه ولم يحدثني به كله].
راوي هذا الحديث هو الربيع بن سبرة، جد سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، فالذي يظهر من الإسناد أن الجد هو الربيع، والربيع تابعي من الطبقة الثالثة، وعلى هذا فيكون الحديث مرسلاً، ولكن الحديث هو عن سبرة بن معبد الذي هو أبو الربيع، والربيع يروي عن أبيه، فيكون الحديث -كما في تحفة الأشراف- عن سبرة بن معبد الجهني، وعلى هذا فإن سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة يروي عن أبيه عن جده، وجده يروي عن أبيه، أي: جده الربيع يروي عن أبيه سبرة، فهو متصل على هذا، وهو من مسند سبرة بن معبد الجهني.
قوله:[أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزل في موضع المسجد تحت دومة] يعني: نزل تحت شجرة، ولعل المقصود بالمسجد المكان الذي صلوا فيه، وأنه كان تحت شجرة، وليس المراد دومة الجندل، فإنها لم تكن في طريقهم إلى تبوك.
قوله:[فأقام ثلاثاً ثم خرج إلى تبوك، وإن جهينة لحقوه بالرحبة، فقال لهم: من أهل ذي المروة؟] أي: أقام ثلاثاً ثم إنه ذهب إلى تبوك، ولحقه جماعة من جهينة، وهم بنو رفاعة، فكانوا في مكان يقال له: المروة، فقال من أهل ذي المروة؟ فقالوا: رفاعة، فأقطعهم إياها، فمنهم من أمسك، ومنهم من باع، وهذا هو محل الشاهد من الترجمة، وهو كونه أقطعهم تلك القرية التي كانوا فيها، ومنهم من باع، ومنهم من أمسك أي: منهم من باعها، ومنهم من أمسكها وعملها، أي: بناها وسكنها، فهو يدل على ما ترجم به المصنف من الإقطاع، وفي التقريب في ترجمة سبرة بن معبد قال: وكان يسكن في ذي المروة، يعني: في هذا المكان الذي جاء ذكره في هذا الحديث، وهو المكان الذي أقطعهم إياهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله:[ثم سألت أباه عبد العزيز عن هذا الحديث فحدثني ببعضه ولم يحدثني به].
يعني: أن ابن وهب الذي روى عن سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة؛ لقي أباه عبد العزيز، فسأله عن الحديث فحدثه ببعضه، فحصل له علو، لأنه حصله نازلاً وكان كاملاً، ثم لقي عبد العزيز والد سبرة، فصار إسناده الثاني عالياً، لأنه سقط منه رجل، وهو سبرة بن عبد العزيز، إلا أن الطريق النازلة أكمل وأتم، والطريق العالية أقل؛ لأن عبد العزيز بن الربيع حدثه ببعض ما حدثه به سبرة بن عبد العزيز.