للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى قوله (والشر ليس إليك)]

قوله: [(والشر ليس إليك)].

معلوم أن الله عز وجل خالق كل شيء، فالخير والشر كل ذلك من مخلوقات الله عز وجل، ولا يكون في الوجود إلا ما هو مخلوق لله سبحانه وتعالى، سواءًٌ أكان خيراً أم شراً، ولا يقع في ملك الله إلا ما شاءه الله عز وجل، فالله تعالى خالق كل شيء، وليس هناك شيء في الوجود لم يخلقه الله سبحانه وتعالى، بل الله عز وجل خالق كل شيء في الوجود، لا شريك له في الخلق والإيجاد، فالخير والشر خلق الله عز وجل وإيجاده، وكلاهما بقضاء الله وقدره، وكلاهما بعلم الله عز وجل وبمشيئته وإرادته، فكل ذلك من الله سبحانه وتعالى.

فقوله: [(والشر ليس إليك)] مع أن الله عز وجل هو الخالق لكل شيء، والموجد لكل شيء -سواءٌ أكان خيراً أم شراً- فسر بأن المراد به أن الشر الذي هو شر محض لا خير فيه بوجه من الوجوه ليس إلى الله عز وجل؛ لأنه لا يخلق شراً محضاً لا خير فيه بوجه من الوجوه، بل ما يخلقه الله عز وجل من الشر يترتب عليه مصلحة ويترتب عليه فائدة، فمن ذلك كون الإنسان يصبر على ما يصيبه من الشر فيثاب ويؤجر على ذلك، ومن ذلك أن خلق الكفر في الكافرين وخلق الله عز وجل الإيمان في المؤمنين يوجد به الجهاد ويوجد به الصراع بين الحق والباطل، فلا يخلق الله عز وجل شراً محضاً لا يترتب عليه خير بأي وجه من الوجوه، بل ما يخلق الله تعالى من شر فهو مشتمل على خير ومشتمل على فائدة، فليس إلى الله الشر المحض الذي لا خير فيه بوجه من الوجوه.

ومنهم من قال: معناه أن الشر لا يتقرب به إليك.

وقيلت أقوال أخرى غير ذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>