قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى عن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعا بدأ بنفسه، وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي}[الكهف:٧٦]) طولها حمزة].
سبق البدء بكتاب الحروف والقراءات، وعرفنا أن الحروف يحتمل أن يراد بها الأحرف السبعة، ويحتمل أن يكون المراد بها القراءات، ولكن الذي يظهر أن المراد بها القراءات وليس الأحرف السبعة؛ لأن كل الأحاديث التي أوردها أبو داود رحمه الله في هذا الكتاب إنما هي في القراءات وليس شيئاً منها في الأحرف السبعة، أما الحديث الذي يتعلق بالأحرف السبعة فقد أورده أبو داود رحمه الله في كتاب الوتر حيث قال هناك:[باب أنزل القرآن على سبعة أحرف]، وذكر في ذلك الحديث المتعلق بهذا، وعلى هذا فتكون الحروف هنا بمعنى القراءات، والحروف يقال لها قراءات.
وسيأتي في كلام أحد القراء تعبيره عن القراءات بالحروف إشارة إلى ما تضمنته هذه الأحاديث التي أوردها أبو داود رحمه الله في هذا الكتاب الذي هو كتاب الحروف والقراءات، وقد أورد هنا حديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدأ بنفسه وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى)، يعني: في قصته مع الخضر عندما جاء وأشار إلى اجتماعه مع الخضر، وأنه سأل عن أسئلة، وأنه كان لا يصبر على الأشياء التي يراها وهي غريبة وعجيبة، فكان يسأله حتى أنه بعد ذلك قال:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي}[الكهف:٧٦]، وبعد ذلك سأله سؤالاً فقال:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}[الكهف:٧٨].