قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في السلام على أهل الذمة.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة، عن سهيل بن أبي صالح قال: خرجت مع أبي إلى الشام فجعلوا يمرون بصوامع فيها نصارى فيسلمون عليهم، فقال أبي: لا تبدءوهم بالسلام، فإن أبا هريرة رضي الله عنه حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(لا تبدءوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق)].
أورد أبو داود [باب السلام على أهل الذمة]، وقد سبق أن مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يكاتب الملوك ويقول:(السلام على من اتبع الهدى)، فإذا حصل سلام عليهم بهذه الطريقة فلا بأس بذلك؛ لأنه سلام على من اتبع الهدى، ودعاء لمن اتبع الهدى، فهم إذا اتبعوا الهدى كانوا من أهل هذا السلام، وكذلك الذين وفقهم الله عز وجل للدخول في الإسلام هم ممن اتبع الهدى، فالسلام إنما هو عليهم.
وأما السلام الذي هو المخاطبة:(السلام عليكم)، فهذه لا يجوز للمسلمين أن يسلموا بها على الكفار وعلى أهل الكتاب ولا يبدءوهم به، ولكن إذا قالوا: السلام على من اتبع على الهدى فلا بأس بذلك.
وقد سبق أن مر هذا في باب الكتابة إلى أهل الذمة (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم)، وفيه:(السلام على من اتبع الهدى)، فـ أبو هريرة يحدث عن رسول الله أنه قال:(لا تبدءوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق)، يعني: إذا كان مزدحماً فإنهم يجعلون في حافة الطريق ولا يتركون في وسطه؛ لأنهم ليسوا أهلاً للتكريم وللاحترام والتوقير، وأما إذا كان الطريق واسعاً فكل يمشي في الطريق بدون ضرورة إلى أن يضيق على أحد.