قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الإمام يتكلم بعدما ينزل من المنبر.
حدثنا مسلم بن إبراهيم عن جرير -هو ابن حازم لا أدري كيف قاله مسلم أو لا- عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر فيعرض له الرجل في الحاجة فيقوم معه حتى يقضي حاجته ثم يقوم فيصلي).
قال أبو داود: الحديث ليس بمعروف عن ثابت، هو مما تفرد به جرير بن حازم].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر]، يعني أن له أن يتكلم، وإذا كان له أن يتكلم وهو يخطب فمن باب أولى أن يتكلم بعد ما ينزل؛ لأنه إذا ساغ له أن يتكلم وهو يخطب وأن يقطع خطبته وأن يتكلم فكونه يتكلم بعدما ينزل من الخطبة من المنبر جائز من باب أولى، وهذا هو الحكم الذي يفهم من الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وفيه وهم من جهة جرير بن حازم أحد رواته، لكن المعنى ثابت، وهو أنه يصح للخطيب أن يتكلم مع غيره بعدما ينزل من الخطبة من المنبر، وهذا لا إشكال فيه.
يقول أنس رضي الله عنه: [(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر فيعرض له الرجل في الحاجة فيقوم معه حتى يقضي حاجته ثم يقوم فيصلي)]، فهذا الحديث قيل: إنه وهم من جرير بن حازم، ولا يعرف إلا من طريقه، وجرير بن حازم يهم، ولعله التبس عليه بالحديث الذي فيه:(أقيمت صلاة العشاء، فجاء رجل وكلم الرسول حتى نعس الناس)، وهذا الحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعله التبس عليه ذلك، وحصل له وهم، فالحديث ضعيف، لكن الحكم المستنبط منه صحيح.