[ترجمة اللؤلؤي وأبي عبيد وسبب عدم رواية صاحبي الصحيحين لبعض الثقات]
قوله:[قال أبو علي بلغني عن أبي عبيد].
أبو علي هو اللؤلؤي راوي الكتاب عن أبي داود، وأبو عبيد هو القاسم بن سلام وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وفي جزء القراءة، وأبو داود.
لم يخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما، مع أنه إمام من الأئمة رفيع المنزلة، وهذا يبين لنا أن البخاري ومسلماً ما رويا عن كل ثقة، كما أنهما لم يرويا كل حديث صحيح، فقد رويا أحاديث صحيحة وتركا أحاديث صحيحة، ورويا عن ثقات وتركا الرواية عن ثقات، وليس تركها الرواية عن الثقات لأنهما لا يريان الاحتجاج بهما، أو أنهم ليسوا حجة عندهما.
كما أنهما تركا جملة من الأحاديث الصحيحة، وليس معنى ذلك أنهما لا يريانها أحاديث صحيحة، بل إنهما انتقيا وأوردا هذا المقدار من الأحاديث الصحيحة، وتركا من الصحيح ما هو كثير لم يأتيا به، فكذلك أيضاً اتفق لهما أن رويا أحاديث عن جماعة من الثقات ولم يرويا عن جماعة من الثقات، وهذا يبين لنا أن البخاري ومسلماً لم يلتزما إخراج كل صحيح، فلا يستدرك عليهما أحاديث صحيحة ولم يلتزما الإخراج عن كل ثقة، فلا يقال: كيف لم يخرجا لفلان وهو ثقة؟ فقد يكون الإنسان ثقة وفي غاية الأوصاف الحميدة ثم لا يرويان عنه، فـ أبو عبيد أثنى عليه الحافظ في التقريب ثناء عظيماً قال: القاسم بن سلام بالتشديد البغدادي أبو عبيد الإمام المشهور ثقة فاضل مصنف.
ويقول الحافظ: لم أر له في الكتب حديثاً مسنداً، بل من أقواله في شرح الغريب.
وهذا كما هو معلوم أن طريقة الحافظ أنه يذكر الشخص إذا كان من خرج له اتصالاً، أما إذا كان في التعاليق فإنه لا يرمز له، بل يرمز لمن خرج له اتصالاً.
وهنا على خلاف طريقة أبي داود فقد رمز له الحافظ بدال.