بعض الناس يشكك في الأحاديث بعدما وجد التقدم في الصناعة، مثلما فعل محمد فريد وجدي في كتابه: دائرة معارف القرن العشرين، كان مما ذكره أن تكلم في الدجال بكلام سخيف وباطل وقال: أحاديث الدجال كلها موضوعة، ثم ذهب يستدل على وضعها، ومن بينها حديث النواس بن سمعان الطويل الذي في صحيح مسلم وفيه: أن يأجوج ومأجوج يرسلون نشابهم إلى السماء فيقولون: قتلنا من في الأرض فلنقتل من في السماء.
وهذا الحديث كل رجاله ثقات، وهم رجال مسلم، فيقول: إن الذي وضع هذا الحديث قاصر نظر أو نحواً من هذا الكلام! أما درى أنه بعد كذا سيظهر كذا وكذا وأنه بعد ذلك ستظهر الطائرات وأنه بعد ذلك سيوجد كذا وسرد بعض هذه الأشياء التي وجدت.
وهذا -والعياذ بالله- طعن في الأحاديث، وطعن في السنن، وتكذيب لما تواتر من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما أن الناس يستعملون الخيل لأن هذه الوسائل قد لا توجد وقد تكون انتهت وليس محققاً أنها ستبقى إلى آخر الزمان، ومعلوم أن هذه الآلات تعتمد على النفط، ولو نفد النفط فما الذي سيحرك هذا الحديد من مكانه ويجعله يمشي؟ بلا شك أنه سيقف في مكانه.
فهو يقول: إن الحديث موضوع؛ لأن من وضعه ذكر فيه النشاب، والذي وضعه ما درى أن الأمور ستتغير وأنه ستوجد طائرات ومدمرات وستوجد قنابل، وستوجد كذا وستوجد كذا وكذا، ثم يطعن في الحديث من أجل أنه رأى أنه لا يمكن أن الناس يرجعون إلى هذا الشيء.
ومن يقول: إن هذه الأشياء ستبقى؟ لا يعلم الغيب إلا الله عز وجل.
وكونهم سيستعملون الخيل في آخر الزمان فهذا يشير إلى أن هذه الأشياء غير موجودة؛ لأنها لو كانت موجودة فإنه يصار للأقوى، لكن حيث يكون الغزو على الخيل والذهاب عليه والجهاد على ظهره في آخر الزمان ففيه دليل على أن هذه الآلات الحديثة ستنتهي، وقد جاءت في ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحاصل أن محمد فريد وجدي في كتابه (دائرة معارف القرن العشرين) تكلم كلاماً عن الدجال، وقال: أحاديثه كلها موضوعة ملفقة، مع أنها متواترة وكثير منها في الصحيحين، ولكن الإنسان الذي يحكم عقله يوقعه فيكون هالكاً والعياذ بالله! وكان بعض العلماء وبعض السلف يقول في حديث النواس: ينبغي أن يعلم الصغار في الكتاب هذا الحديث الذي فيه ذكر الدجال وأخبار الدجال، ومع ذلك محمد فريد وجدي يقول: إن أحاديث الدجال كلها موضوعة، ويبرهن على وضعه بذكر النشاب الذي يرسله يأجوج ومأجوج ويقولون: قتلنا من في الأرض فلنقتل من في السماء، فترجع عليهم نشابهم مخضوبة دماً يعني: ابتلاء وامتحاناً من الله عز وجل.