[شرح حديث: (الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عثمان بن السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر، وفيه: (الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم) في الأولى من الصبح.
وقال أبو داود: وحديث مسدد أبين، قال فيه: (وعلمني الإقامة مرتين مرتين: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله).
قال أبو داود: وقال عبد الرزاق: (وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة.
أسمعت؟) قال: فكان أبو محذورة رضي الله عنه لا يجزّ ناصيته ولا يفرقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليها].
أورد الحديث من طريق أخرى بنحو هذا الخبر المتقدم، وفيها قول (الصلاة خير من النوم) مرتين في الأولى، أي: يحتمل أن يكون في الأذان الأول الذي هو قبل دخول الوقت، ويسمى الأذان الذي هو عند دخول الوقت بالأذان الأول بالنسبة للإقامة؛ لأن الأذان عند دخول الوقت يقال له: الأذان الأول، والإقامة يقال لها: الأذان الثاني، كما يقال في الأذان الذي زاده عثمان: الأذان الثالث؛ لأن الأصل أذانان: الإقامة، والأذان الذي عند صعود الخطيب المنبر، ولهذا عبروا عنه بالثالث.
وقوله: [قال أبو داود: وحديث مسدد أبين، قال فيه: (وعلمني الإقامة مرتين مرتين)].
هذا فيه أنه تعلم الإقامة، وقد ذكرنا أن في حديث أبي محذورة جاء الأذان تسع عشرة جملة، والإقامة سبع عشرة جملة؛ لأنه ليس فيها ترجيع، وليس فيها تربيع، وفيها زيادة (قد قامت الصلاة)، مرتين فيها.
وقوله: [(وعلمني الإقامة مرتين مرتين: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا ال، له أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)].
هذه ثلاث عشرة جملة، بدون: (قد قامت الصلاة).
وقوله: [وقال عبد الرزاق: (وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة)].
سيأتي في بعض الروايات أن الأذان تسع عشرة جملة والإقامة سبع عشرة جملة، وعلى هذه الرواية تصير خمس عشرة جملة مثل ألفاظ الأذان أو بعدد ألفاظ الأذان المذكورة في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه.
ورواية عبد الرزاق فيها ذكر: (قد قامت الصلاة) وجملة (قد قامت الصلاة) جاءت في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه، وأيضاً جاءت في حديث: (أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة) أي: إلا قد قامت الصلاة.
وقوله: [وقال عبد الرزاق: (وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، أسمعت؟)].
يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب أبا محذورة بقوله: (أسمعت؟) يعني: هذا الذي قلته لك في هذه الألفاظ.
وقوله: [فكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليها].
يعني: لا يقصها ولا يفرقها، يعني: لا يجعل قسماً إلى اليمين وقسماً إلى الشمال، وهذا هو الفرق، بحيث يكون هناك خط في الوسط فيكون بعض نصف الرأس على الجهة اليمنى ونصفه على الجهة اليسرى، وقد ذكر الألباني أن الحديث صحيح من دون هذه الزيادة، ولعل السبب أن هذه ما جاءت إلا من طريق، بخلاف ألفاظ الأذان فإنها جاءت من طرق أخرى غير هذه الطريق.