قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في ذلك.
حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما:(أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجم وهو صائم)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب الرخصة في ذلك يعني: في الحجامة للصائم، وبعض أهل العلم أخذ بالأحاديث التي جاءت في الرخصة وقال: إنه لا بأس بها، وإنه مرخص فيها، وبعضهم قال: إن أحاديث النهي مقدمة عليها، وأنها يحصل بها الإفطار، وهذا لا يوجد فيه تنصيص، وإنما فيه أنه حصل أنه احتجم، لكن هل ترتب على ذلك إفطار أم لا؟ ثم أيضاً قالوا: إن هذا مبقٍ على الأصل، وهو الحل والإباحة، وذاك ناقل عن الأصل إلى التحريم، وهو الإفطار فيقدم.
فأورد أبو داود حديث ابن عباس:(أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم) وهذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس فيه دليل على أنه لا يحصل به الإفطار؛ لأن الحديث السابق نص في الإفطار، وأما قوله:(احتجم هو صائم) فلا يوجد فيه شيء يدل على أنه ما أفطر، وإنما حصل أنه احتجم، لكن هل أفطر أو ما أفطر؟ لا يزال الأمر فيه خفاء.
ثم أيضاً: هذا كما قال ابن القيم: باق على الأصل، وذاك ناقل عن الأصل، والناقل أولى من المبقي.
والأحاديث وردت على أربع حالات، فورد النهي عن الحجامة وهو صائم، وورد أنه احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم، وورد أنه احتجم وهو محرم وصائم، أربع حالات، منها: ثلاث حالات صحيحة، وحالة غير صحيحة، وأنه احتجم وهو محرم وصائم.