[نصيحة لطلاب العلم باستغلال العطلة الصيفية في الدعوة إلى الله]
السؤال
قد أزف وقت الترحال إلى أوطاننا وأنا كلما أردت السفر وضعت لنفسي خطة دعوية وإرشادية أسير عليها في العطلة، ولكن العزائم تضعف بعد السفر وأنشغل بالدنيا، ولا أستطيع أن أؤدي واجبي على ما يرام، وأظن أنني لست وحيداً في هذا الأمر، فقد يشاركني غيري من الزملاء في هذا الشعور، فهل من نصيحة لأمثالي تقوي عزائمنا، ونستطيع إرشاد الأمة في مثل هذا الوقت الذي تحتاج فيه الأمة إلى دعاة ناجحين؟
الجواب
على الإنسان الذي وفقه الله لطلب العلم ودرس مدة من الزمان في تحصيل العلم، أن يبلغ وأن يدعو إلى الله عز وجل، وأن يبصر غيره، وأن يكون هو قبل ذلك عاملاً بعلمه، ثم قبل هذا كله أن يكون صادقاً في دعوته ومخلصا ًلله في قصده، حتى يحصل الأجر والثواب من الله عز وجل، وحتى يكون لدعوته فائدة، ويكون لها ثمرة، ثم عليه أن يحفظ وقته، وأن يقسمه -إذا كان محتاجاً إلى العمل من أجل كسب الرزق- بين الدعوة والتدريس وبين طلب الرزق، فعليه أن يخصص شيئاً من الوقت في هذه المهمة، ويخصص للدعوة أوقاتاً أخرى، وبذلك يكون الإنسان قد جمع بين ما يحتاج إليه وما تتطلبه ظروفه المعيشية من تحصيل القوت الذي يستغني به عن الناس ولا يشغل باله فيه، وفي نفس الوقت يخصص أوقاتاً أخرى للدعوة والتوجيه والإرشاد، ومعلوم أن الإنسان إذا كان ذا همة عالية فإنه ينتهز الفرص ويغتنم الأوقات، وإما أن تكون هناك جهات تجمع الناس ويقوم بتوجيههم وإرشادهم كالمدارس، أو أنه يحرص على أن يتكلم في المساجد بعد الصلوات بكلمات مفيدة بصفة مستمرة، بحيث تكون الكلمات قصيرة ولكنها نافعة، فهذا أمر طيب.
إذاً: المسألة تتوقف على قوة العزيمة والصدق والهمة العالية، وإلا فإن الإنسان إذا أرخى لنفسه العنان، ثم بدأ حياته بعد الدراسة بالكسل والخمول، فإنه يستمر على كسله وخموله، ولا تلبث معلوماته التي حصلها فيما مضى أن تتلاشى وتضمحل، ولكنه حين يكون مشتغلاً بالعلم تعلماً ومذاكرة واطلاعاً وتدريساً ودعوة وإرشاداً، فإن هذا هو الذي يبقي على علمه، ويزيد في علمه وفي معلوماته، وفي نفس الوقت ينفع نفسه وينفع غيره، فيكون مفيداً مستفيداً وراشداً مرشداً وهادياً مهدياً، المهم في الأمر قوة العزيمة والهمة العالية، وأسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يجعلنا جميعاً هداة مهتدين إنه سبحانه وتعالى جواد كريم.