للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث قصة من أسلم وقتل ولم يصل لله صلاة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن يسلم ويقتل مكانه في سبيل الله عز وجل.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن عمرو بن أقيش كان له رباً في الجاهلية، فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأحد، قال: أين فلان؟ قالوا: بأحد، قال: فأين فلان؟ قالوا: بأحد، فلبس لأمته وركب فرسه ثم توجه قبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو!، قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحاً فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخته: سليه حمية لقومك أو غضباً لهم أم غضباً لله؟ فقال: بل غضباً لله ولرسوله، فمات فدخل الجنة وما صلى لله صلاة].

قوله: [فيمن يسلم ويقتل مكانه] أي: دخل في الإسلام ثم جاهد فقتل من ساعته، بمعنى أنه ما حصل وقت يؤدي فيه شيئاً من أعمال الإسلام، فإذا أسلم وجاهد ومات في ذلك الجهاد، فإنه يكون من أهل الجنة، لأنه دخل في الإسلام ومات على خير.

قوله: [إن عمرو بن أقيش كان له رباً في الجاهلية فكره أن يسلم قبل أن يأخذه]؛ لأنه أراد أن يأخذ الربا قبل أن يسلم، لأنه إذا أخذ الربا وهو كافر فإنه يبقى بيده ويسلم عليه، كالذي يكون عنده من قيمة الخمر فإن له أن يبقي عليها؛ لأن الإسلام يجب ما قبله.

قوله: [فلبس لأمته] قيل: إنها الدرع التي تتقى بها السهام، وقيل: إنها السلاح، وهو أعم من الدرع.

ثم إنه ذهب ولما أقبل على المسلمين قالوا: [إليك عنا يا عمرو] لأنهم ظنوا أنه باق على كفره.

[فقال: إني قد آمنت، فجاهد حتى جرح وحمل إلى أهله، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخته: سليه حمية لقومك أو غضباً لهم أم غضباً لله؟].

قوله: [فمات فدخل الجنة، وما صلى لله صلاة] أي: أنه ما تمكن من أن يصلي، فصار ممن عمل قليلاً وختم له بخير.

والناس بالنسبة للبدايات والنهايات ينقسمون إلى أقسام أربعة: منهم من ولد على خير ونشأ على خير ومات على خير، فالبداية حسنة والنهاية حسنة، ومنهم من ولد ونشأ على شر ومات على شر، والثالث البداية حسنة ونشأ على حال حسنة ثم أدركه الخذلان في آخر أمره فارتد ومات كافراً، فالبداية حسنة والنهاية سيئة، وعكسه مثل هذا الذي معنا في هذه القصة، وهو الذي عاش كافراً على شر ثم أسلم في نهاية أمره ومات على خير، فبدايته على شر ونهايته على خير.

ويدل على ذلك حديث ابن مسعود: (والذي نفسي بيده! إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، وإنما الأعمال بالخواتيم).

<<  <  ج:
ص:  >  >>