حدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس وقص ابن السرح الحديث قال: ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة، حتى إذا طال علي تسورت جدار حائط أبي قتادة -وهو ابن عمي- فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام، ثم صليت الصبح صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فسمعت صارخاً: يا كعب بن مالك أبشر! فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه، فانطلقت حتى إذا دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس، فقام إلي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني)].
أورد أبو داود باباً في إعطاء البشير.
أي: إعطاء البشير من أجل بشارته بالشيء الذي بشر به، والمقصود من الإعطاء: إعطاؤه شيئاً من أجل هذه البشارة.
وأورد أبو داود شيئاً من قصة كعب بن مالك رضي الله عنه في توبته التي جاء القرآن بها، حيث تاب الله عليه وعلى صاحبيه، وذلك في قول الله عز وجل:{وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}[التوبة:١١٨] الآية.
والرسول صلى الله عليه وسلم هجرهم وأمر الناس بألا يكلموهم، وأمرهم أن يعتزلوا نساءهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ثم بعد ذلك نزلت توبة الله عليهم.
وبعدما حصلت التوبة وكان قد صلى الفجر في أعلى ظهر بيت من بيوتهم سمع صارخاً يقول: أبشر يا كعب بن مالك! فلما جاءه الشخص الذي بشره نزع ثوبيه وأعطاه إياهما على بشارته، وهذا هو محل الشاهد للترجمة.
ثم جاء إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول -أي: يسرع- يريد أن يهنئه، فصافحه وهنأه بهذه التوبة التي حصلت له من الله عز وجل.
وقوله: [(تسورت جدار حائط أبي قتادة)] معناه: أنه ما دخل من الباب وإنما صعد من فوق السور أو الجدار.