للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنه كان على أمها صوم شهر)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى قال: سمعت الأعمش (ح) وحدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو معاوية عن الأعمش المعنى عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنه كان على أمها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى)].

قوله: [باب ما جاء فيمن مات وعليه صوم صام عنه وليه]، أي: أن الصيام تدخله النيابة وأن وليه يصوم عنه.

وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أمها ماتت وعليها صوم شهر.

فالنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لها مثلاً يتبين به أنها تفعل ذلك، وذلك أنه قال: (لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى) يعني: إذا كان قضاء الدين عن الميت يكفي ويجزئ في حقوق العباد فكذلك حق الله عز وجل يحصل به قضاء الدين، فدل هذا على أن الدين عن الميت إذا قام به غيره أن ذلك يكفيه، ولكن الصيام الغالب فيه أن الأقارب يحسن بعضهم إلى بعض، ويشفق بعضهم على بعض، ويقوم بعضهم بالإحسان إلى بعض، ولكن لو حصل من غير الأقارب فإنه لا بأس بذلك؛ لأنه ما دام الأصل أن النيابة تجوز في الصوم فكذلك الدين لو أداه عنه غير قريبه فإن ذلك يجزي عنه، وكذلك أيضاً لو صام عنه غير قريبه فإن ذلك يجزئ ولا بأس بذلك.

وإذا لم يقم الأولاد بفعل ما نذر به أبوهم فأمره إلى الله عز وجل.

وقوله: [(أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنه كان على أمها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى)].

هذا الحديث أيضاً فيه دليل على إثبات القياس، وهو من أدلة إثبات القياس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس هذا على هذا، وأنه إذا كان هذا ينفع فهذا ينفع، وإذا كان هذا يجزي فهذا يجزي، والأحاديث التي جاءت في إثبات القياس عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة، وهذا الحديث من جملة الأحاديث الدالة على ذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>