[شرح حديث قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط بعد أسره في بدر]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في قتل الأسير صبراً.
حدثنا علي بن الحسين الرقي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: أخبرني عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقاً فقال له عمارة بن عقبة: أتستعمل رجلاً من بقايا قتلة عثمان؟! فقال له مسروق: حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه -وكان في أنفسنا موثوق الحديث- (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد قتل أبيك قال: من للصبية؟ قال: النار) فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
].
أورد أبو داود [باب في قتل الأسير صبراً].
وقتل الأسير صبراً هو أن يحبس أو يمسك ثم يقتل، فالقتل صبراً يكون بحبس من كان حياً وإمساكه حتى يقتل، سواء أكان إنساناً أم حيواناً، وكذلك حبس البهائم حتى تموت هو من القتل صبراً.
قوله: [(أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقاً فقال له عمارة بن عقبة)].
أي: أراد الضحاك بن قيس وكان أميراً أن يستعمل مسروقاً في عمل من الأعمال، فقدح فيه عمارة بن عقبة وقال: أتستعمل شخصاً من بقايا قتلة عثمان؟! فـ مسروق قابله بأن قال فيه قولاً مقابل ما قاله فيه، فقال: [حدثنا عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد قتل أبيك قال: (من للصبية -والصبية منهم عمارة هذا-؟ قال: النار) فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله صلى الله عليه وسلم] فكل منهما قدح في الآخر.
وما أدري عن صحة قضية اتهام مسروق بما اتُهم به وما ذكره في حقه عمارة بن عقبة، لكن قصة عقبة بن أبي معيط وقول النبي صلى الله عليه وسلم له جاء في هذا الإسناد وفي هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فما قيل في حق عقبة ثابت بهذا الإسناد.
قوله: [من للصبية] يعني: إذا قتلتني فمن يكون للصبية؟! أي: عمارة وإخوانه.
فقال: [(لهم النار)].
واختلف في تفسير قوله: [(لهم النار)] فمن العلماء من قال: معناه: لهم الضياع.
أي: لهم الضياع بسبب ضياعه هو.
ومنهم من قال غير ذلك، حيث قالوا: هذا من أسلوب الحكيم، أي: لك النار ودع أمر الصبية فإن الله تعالى كافلهم.
ومعلوم أن أبناء المشركين حكمهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم بما كانوا عاملين) يعني: إذا ماتوا وهم صغار فإنهم يمتحنون يوم القيامة والله أعلم بما كانوا عاملين، لكن من كبر منهم وأسلم يختلف حكمه.
وعمارة مع كونه مسلماً قابله مسروق بأن قال فيه ما قال، ولكن الأمر يحتمل أن يكون المقصود أباهم وليس الذين أسلموا من أولاده.