للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (ثلاثة كلهم ضامن على الله)]

قال المصنف رحمه الله: [حدثنا عبد السلام بن عتيق حدثنا أبو مسفر حدثنا إسماعيل بن عبد الله -يعني: ابن سماعة - حدثنا الأوزاعي حدثني سليمان بن حبيب عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل: رجل خرج غازياً في سبيل الله، وهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة، أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل راح إلى المسجد، فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل دخل بيته بسلام، فهو ضامن على الله عز وجل).

أورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ثلاثة كلهم ضامن على الله)].

أي: كل واحد منهم مضمون له الأجر والثواب، وهذا فيه تأكد حصول هذا الثواب.

قوله: [(رجل خرج غازياً في سبيل الله، وهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة)].

أي أنه إذا خرج في سبيل الله فهو إما أن يحصل موتاً فيكون من أهل الجنة بسبب كونه قتل في سبيل الله، أو يرجع منتصراً محصلاً أجراً وثواباً عند الله وغنيمة من الغنائم والثواب المعجل في الدنيا، والغنائم هي أحسن المكاسب وأفضل المكاسب، ولهذا كانت قوت النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) وهو جزء من حديث طويل يقول فيه: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك الله، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)، وهذا حديث عظيم شرحه ابن رجب في جزء لطيف مطبوع باسم (الحكم الجديرة بالإشاعة في شرح حديث بعثت بين يدي الساعة)، ومنه قوله: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي)، أي: من الغنائم.

قوله: [(ورجل خرج إلى المسجد، وهو ضامن على الله إن مات أن يدخله الجنة أو يرجع بما نال من أجر أو غنيمة)] أي: إن مات فقد مات في سبيل الله لأنه خرج لعبادة الله ولطاعة الله، وإن رجع فهو محصل أجراً وغنيمة في الآخرة، وإن حصل له رزق بسبب هذا العمل الصالح فهو من الثواب المعجل الذي يحصله في الدنيا قبل الآخرة.

قوله: [(ورجل دخل بيته بسلام)].

هذا يحتمل أنه إذا دخل بيته يسلم، ويحتمل أنه دخل بيته وكفى الناس شره، وأنه سلم من الناس وسلموا منه، وذلك في عدم اختلاطه بالناس الاختلاط الذي يؤدي إلى حصول ضرر منه أو عليه، ويحتمل أن يكون المقصود أنه قد سلم في خروجه من أن يحصل إثماً وأن يكتسب إثماً، بل قد يكون حصل خيراً وثواباً إذا كان خروجه لم يحصل فيه ضرر عليه وعلى غيره، كل هذه الاحتمالات ممكنة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>