شرح حديث (يرحم الله فلاناً كأيٍ من آية أذكرنيها الليلة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلاً قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن، فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله فلاناً كأي من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها).
قال أبو داود: رواه هارون النحوي عن حماد بن سلمة في سورة آل عمران في الحروف: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} [آل عمران:١٤٦]].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع قارئاً يقرأ من الليل، فقال: يرحم الله فلاناً يعني: ذلك القارئ، لقد أذكرني آية كنت أسقطتها، يعني: نسيتها، كانت ذهبت عنه نسياناً، فلما قرأها تنبه لها وتذكرها صلى الله عليه وسلم، وقال: (كأي من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها).
وكونها من آل عمران ليس فيها: كأي من آية وهي: ((َكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ)) لكن التي هي كأيٍ من آية هي في سورة يوسف، وأما سورة آل عمران ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ)) فإذا كان المقصود بها جزء من آية، فهذه في يوسف، وأما إن كان المقصود: وكأيٍ من آية أذكرنيها، يعني: ليست مجرورة بمن، هذا يناسب ويصلح مع ما جاء من التفسير، من أنها في بعض الروايات من سورة آل عمران، ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ)) ويكون قوله: (وكأيٍ من) هي المقصورة ولا تدخل في الجملة كلمة (آية).
وكأي بمعنى: كثير، ولكن المقصود هنا الإشارة إلى الآية التي حصل إسقاطها، وهي هذه الآية في سورة آل عمران، هذه التي تجاوزها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما سمع القارئ تذكرها، لكن قوله: (كأي من آية) جملة واحدة فهذه ليست في آل عمران، وإنما هي آية في سورة يوسف، وإنما يستقيم المعنى إذا كان المقصود بالآية الإشارة إلى الآية التي نسيت، وكلمة (آية) إشارة إلى التي نسيت وتذكرها، يستقيم الكلام بهذا على أنها: وكأي من نبي، من سورة آل عمران: ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ)) وليس المقصود بكلمة: (آية) بها: أنها جزء من الآية؛ لأنه لا يستقيم، لأن أول سورة آل عمران ليس فيها وكأي من آية، وإنما هذه في سورة يوسف، فلعل المقصود (وكأي من) هذه إشارة للآية التي نسيت، ثم قال: آية كنت أسقطتها، أي: أنه نسيها صلى الله عليه وسلم.
وهذا من فوائد رفع الصوت بالقراءة، يعني: حيث يستمع لقراءته، ويستفاد من قراءته يرفع صوته.
وأما إذا كان يتضرر بقراءته فإنه لا يجهر.
لو أتينا بمعناها اللغوي هنا، كأي يعني: كثير من الآيات أذكرنيها فلان، والدليل على ذلك رواية مسلم: (سمع رجلاً يقرأ من الليل، فقال: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت قد أسقطتها من سورة كذا وكذا).
فهذا هو الجواب الصحيح ما دام أنه في صحيح مسلم هذا الشيء، يعني: معناه: أن فيه عدة آيات، وعلى هذا يكون (وكأي من آية)، معناه: آيات، لكن الآن هو أشار في الرواية الثانية إلى أنها آية من آل عمران.
[قال أبو داود: روى هارون النحوي عن حماد بن سلمة في سورة آل عمران، في الحروف: ((َكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ))].
يعني: معناه: كأن هذه هي التي نسيت.