[شرح حديث (قطع رسول الله يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن أبي السري العسقلاني وهذا لفظه وهو أتم قالا: حدثنا ابن نمير عن محمد بن إسحاق عن أيوب بن موسى عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم) قال أبو داود: رواه محمد بن سلمة وسعدان بن يحيى عن ابن إسحاق بإسناده].
أورد أبو داود حديث ابن عباس:(أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم) وهذا يخالف ما تقدم، ولكن يمكن أن يحمل على أنه اتفق أن ذلك حصل في مجن قيمته كذا، فلا يكون مقياساً، ولا يكون حداً فاصلاً، يعني: ما زاد عنه يعتبر نصاباً، وما نقص عنه لا يكون نصاباً؛ لأنه جاء التنصيص أنه تقطع في ربع دينار فصاعداً، وعلى هذا لا تنافي بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث الدالة على التحديد؛ لأن هذا الحديث ما ذكر تحديداً، وإنما أخبر بأنه اتفق أن المجن يساوي عشرة دراهم أو يساوي ديناراً، فإذاً لا تعارض؛ لأنه لا يوجد تحديد على أنه النصاب، وإنما هذا من جملة ما يقطع به؛ لأن ربع الدينار يقطع به، ونصف الدينار يقطع به، وثلاثة أرباع الدينار يقطع بها، والدينار يقطع به من باب أولى.
فلا يعارض ما تقدم من الأحاديث الدالة على أن القطع يكون بالربع وما زاد عليه؛ لأن هذا من جملة ما هو داخل في الزيادة، فإذاً لا يعتبر حداً، ولا يعتبر مقياساً يصار إليه بالتحديد في النصاب في القطع بالسرقة، وإنما التحديد يكون بربع دينار، والشيخ الألباني قال: إنه شاذ، ولكن الشذوذ ليس واضحاً؛ لأنه يكون صحيحاً، ويكون القطع حصل بذلك اتفاقاً بأنه كان يساوي كذا وكذا، وهو لا يعارض الأحاديث السابقة بأن يقال: إن النصاب هو ربع دينار، وإنما اتفق أنه مما زاد على ربع الدينار الذي يكون القطع به، فالقول بشذوذه هذا لو كان يتعلق بتحديد النصاب، والقول بالشذوذ لأنه مخالف للأحاديث لا يصح، فهو لا يخالف الأحاديث الأخرى على ما هي عليه، وإنما اتفق أن قيمة المجن دينار.