[شرح حديث قراءته صلى الله عليه وسلم في العيد بسورة (ق) والقمر]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقرأ في الأضحى والفطر.
حدثنا القعنبي عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي رضي الله عنه: ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ قال: كان يقرأ فيهما: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) و (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ))].
أورد أبو داود هذه الترجمة [ما يقرأ في الأضحى والفطر] أي: ما يقرأ في الركعتين في صلاة العيدين، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي واقد الليثي رضي الله تعالى عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله عما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) و (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ولعل سؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أجل أن يتثبت ويتأكد، أو أنه حصل له نسيان فأراد أن يتحقق، وإلا فإن عمر رضي الله عنه كان ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف أحواله ويعرف سنة الصلاة.
والحديث يدل على أن صلاة العيد يقرأ فيها بـ (ق) و (اقتربت الساعة وانشق القمر)، وسبق أن مر في باب ما يقرأ في الجمعة حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة والعيدين بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) قال: وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما) يعني: ربما وافق يوم عيد يوم جمعة فيقرأ في العيد بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) في الصباح في أول النهار، وفي وقت الجمعة يقرأ بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية).
وعلى هذا فقد جاءت السنة بأنه يقرأ في العيدين بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) كما في حديث النعمان، وفي الحديث الذي معنا أنه يقرأ فيهما بـ (ق) و (اقتربت الساعة وانشق القمر).
وهذا الحديث صورته صورة المرسل؛ لأن عبيد الله بن عبد الله متأخر ما أدرك عمر، ولكنه جاء من طريق أخرى ثابتة وصحيحة متصلاً، وليس صورته صورة المرسل كما هنا، وهنا يحكي عبيد الله بن عبد الله ما جرى بين عمر وأبي واقد وكأنه حاضر وصورته صورة المرسل، ولكنه جاء من طريق متصلة كما ذكر ذلك في عون المعبود، وذكر الطريق المتصلة التي فيها اتصال الحديث، وعلى هذا فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة في العيدين بهاتين السورتين (ق) و (اقتربت)، وكذلك ثبتت القراءة في العيدين بسورتي (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية).