للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم الخضاب بالسواد]

ذكر بعض أهل العلم حالات يستثنى فيها تحريم الخضاب بالسواد، منها: في حال الجهاد؛ لأن في ذلك إظهار القوة للأعداء، ويكون من جملة الخدعة في الحرب، فمن غير شيبه بالسواد يظهر أمام الكفار بمظهر القوة، ومظهر الجلد، فيكون في ذلك مصلحة، وهذا من قبيل المكيدة في الحرب، ومعلوم أن اتخاذ ما يغيظ الأعداء ويرهبهم بإظهار القوة والجلد؛ لا بأس به، ولا مانع منه، وقد جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما قدموا مكة في عمرة القضية في السنة السابعة، كان الكفار قد جلسوا أمام الكعبة من جهة الحجر، وقالوا: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه إذا كانوا بين الركنين أن يروحوا على أنفسهم ويمشون، وفي غير هذا الموضع حيث لا تكون الكعبة حاجزة بينهم وبين الكفار يرملون، فيظهرون الجلد، ويظهرون أنهم بخلاف الذي قاله الكفار من كونهم قد وهنتهم حمى يثرب، وهذا الذي عمله الرسول صلى الله عليه وسلم من أمرهم بأن يسرعوا فيه خدعة، وفيه إغاظة للعدو، وهكذا من غير الشيب بالسواد من أجل إغاظة العدو، ومن أجل النكاية به، ومن باب الخدعة في الحرب، فلا بأس به.

وكذلك يستدل بما جاء من جواز الخيلاء في الحرب، كقوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذه مشية يبغضها الله، إلا في مثل هذا).

أجاب بعضهم عن هذا الحديث: بأنه في أشراط الساعة، فلا يلزم منه التحريم، لاسيما وأن الخضاب بالسواد حصل من بعض الصحابة، كما ذكره ابن الجوزي،

و

الجواب

لعله لم يبلغهم الحديث، وكونه من أشراط الساعة ومما يكون في آخر الزمان لا يدل على كونه سائغاً، ولكنه إخبار من الصادق المصدوق عن أمر سيكون، ولا يعني الإخبار بالشيء أنه سيكون أنه سائغ؛ لأن نفس الحديث جاء فيه الوعيد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>