للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شرح حديث: (غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه شيئاً من الإذخر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن خباب رضي الله عنه أنه قال: (إن مصعب بن عمير رضي الله عنه قُتل يوم أُحد ولم يكن له إلا نَمِرة، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: غطّوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه شيئاً من الإذخر).

أورد أبو داود حديث خباب رضي الله عنه: أن مصعب بن عمير رضي الله عنه استشهد يوم أحد، وأنهم لم يجدوا له إلا نمرة، فكانوا إذا غطوا بها رجليه بدا رأسه، وإذا غطوا رأسه بدت رجلاه، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه شيئاً من الإذخر)، وهو شجر طيب الرائحة، فهذا يدل على أن الترجمة التي مرت وهي: كراهية المغالاة، أن عدم وجودها أولى من وجودها، فهذا الحديث ليس فيه مغالاة في الكفن، بل إن هذا فيه ضرورة وحاجة شديدة، وقد سبق أنه كثر القتلى وقلت الثياب، فكان يُجمع بين الاثنين والثلاثة في ثوب واحد، أي: أن الذي يكفي الواحد يُقسم على ثلاثة؛ وذلك لقلة الثياب، وحال مصعب مثال من أمثلة ذلك، فإنهم لم يجدوا له إلا نمرة، فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها على رأسه، وأن يُجعل على رجليه شيء من الإذخر، وهذا الحديث يدل أيضاً على أن حاجة الميت من التكفين وغيره مقدمة على الميراث والوصية وسداد الدين، أي: ما يكون به التكفين وما يلزم لذلك فإنه مقدم على غيره.

<<  <  ج:
ص:  >  >>