قال المصنف رحمه الله: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكد يركع ثم ركع، فلم يكد يرفع ثم رفع، فلم يكد يسجد ثم سجد، فلم يكد يرفع ثم رفع، فلم يكد يسجد ثم سجد، فلم يكد يرفع ثم رفع، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف، ثم قال: رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟! ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟! ففرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته وقد أمحصت الشمس)، وساق الحديث].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وفيه أن الصلاة ركعتين، وأن كل ركعة فيها ركوع واحد، ولكنه كان يطيل القيام والركوع والسجود، لأنه قال: [(لم يكد)] ومعناه أنه يطول في الشيء الذي هو فيه من القيام والركوع، والقيام بعد الركوع، والسجود، كل ذلك يطيل فيه، وعبر عنه بقوله (لم يكد يفعل كذا) فقال: [لم يكد يركع]، [لم يكد يرفع]، [لم يكد يسجد] يعني بعد الرفع، وهكذا، فهو مطابق للترجمة من ناحية أنه يصلي ركعتين، وسبق في الترجمة التي هي أربع ركعات أن فيه ذكر الركعتين، وأن الركعة الواحدة فيها ركوع واحد، وهذا الحديث هو من ذلك، وهو مطابق لهذه الترجمة، وهو أن فيه ذكر الركعتين، ولكن ليس فيه ذكر ركعتين ركعتين، وإنما فيه ركعتان فقط، وأما الحديث الأول ففيه ذكر ركعتين ركعتين.
وفي هذا الحديث أمور أخرى، وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم ناشد ربه وسأل ربه فقال: [(ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟! ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟!)] وفيه أنه [(نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف)] وبعد ذلك ساق بقية الحديث.
والحديث صححه الألباني وقال: إلا فيما يتعلق بالركوع، فإنه يكون في الركعة ركوعان، كما جاء في الصحيحين، ومعنى هذا أن الذي جاء في هذا الحديث من غير ذكر الركوع ثابت وموافق للأحاديث الأخرى، وما جاء من ذكر المناشدة يكون ثابتاً بهذا الحديث، ولكن الشيء الذي فيه مخالفة لما هو محفوظ هو أن الركعة الواحدة فيها ركوع واحد.
وقوله: [(أف أف)] يعني أنه خرج منه هذان الحرفان، وقالوا: إنه لا يكون كلاماً لو قال: أفٍ، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
قوله:[وقد أمحصت الشمس].
يعني: تجلت وذهب كسوفها وخسوفها، ومنه التمحيص من الذنوب، أي: التخلص منها.