[شرح حديث ابن عباس:(بعثني أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في إبل أعطاها إياه من الصدقة)]
قال المصنف رحمه الله: [حدثنا محمد بن عبيد المحاربي حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (بعثني أبي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إبل أعطاها إياه من الصدقة).
حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا محمد -هو: ابن أبي عبيدة - عن أبيه عن الأعمش عن سالم عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوه، زاد أبي:(يبدلها له)].
أورد المصنف حديث ابن عباس قال:(بعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل أعطاها إياه من الصدقة)، وزاد في الرواية الأخرى:(يبدلها له)، يعني: بعثه كي يبدلها له، وهذا الحديث يدل بظاهره على أنه أعطي من الصدقة، وقد مر في الأحاديث السابقة أن بني هاشم لا يعطون من الصدقة، وأن الصدقة لا تحل لهم، قال العلماء: ويُفسَّر هذا الحديث -حتى يتفق مع الأحاديث الأخرى- بتفسيرين: الأول: أن يكون ذلك قبل تحريم الصدقة على بني هاشم.
والثاني: أن يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه من الصدقة، فقد مر في حديث عمر الذي فيه:(منع العباس) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هي علي ومثلها)، وجاء في بعض التفسيرات: أنه استسلفها منه، فيكون هذا وفاءً وسداداً، أي: أنه سدد له من إبل الصدقة، وليس معنى ذلك أنه أعطي من الصدقة؛ لأن الصدقة لا تحل لآل محمد، ومنهم آل العباس، وقد سبق الحديث الذي فيه: أن الفضل بن عباس جاء ومعه أحد أولاد الحارث بن عبد المطلب يطلبان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعملهما على الصدقة؛ حتى يحصلا شيئاً يتزوجان به، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:(إنها لا تحل لآل محمد)، فعلى هذا فما جاء في هذا الحديث يحمل على أحد هذين الأمرين: إما أن يكون هذا قبل تحريم الصدقة على بني هاشم، أو أن هذا تسديد ووفاء لشيء استلفه منه صلى الله عليه وسلم كما جاء في بعض روايات الحديث السابق في أمر العباس.