قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا خالد، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد:(ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق)].
أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله:(ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، وفيه زيادة: [(ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)] أي: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وذلك بعدم تسوية الصفوف، وحصول التقدم والتأخر في الصف، وكذلك التأخر عن الصفوف الأُول.
وقوله: [(وإياكم وهيشات الأسواق)] المقصود به: اللغط والكلام الذي لا قيمة له مما يكون في الأسواق، وكذلك الكلام الذي لا يليق، فإن هذا هو المقصود بهيشات الأسواق، فيمنع ذلك في المساجد؛ لكون الأسواق فيها رفع للأصوات، وفيها اللغط، وفيها الكلام الذي لا ينبغي، وكل هذا مما تنزه وتصان عنه المساجد.
وكذلك بالنسبة للأسواق، فينبغي على من كان في السوق أن يجتنب الأشياء التي لا قيمة لها، وأن يجتنب الأشياء التي لا تنبغي، والأشياء التي يحاسب عليها الإنسان، فعلى الإنسان أن يصون المسجد عما لا ينبغي، وأن لا يعامل المساجد معاملة الأسواق، وكذلك -أيضاً- ينبغي له أن يبتعد عن اللغط وما لا ينبغي وإن كان في السوق، وأما المسجد فينبغي أن ينزه عما في السوق مما يذم أو يحمد.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)، وذلك أن المساجد محل ذكر الله عز وجل، ومحل الصلاة والعبادة، وأما الأسواق فهي محل اللغط والكلام الذي لا ينبغي، فكانت المساجد أحب البقاع إلى الله عز وجل، والأسواق أبغض البقاع إلى الله عز وجل.