للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فلك)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواف، فجاءت المرأة بابنتين لها فقالت: يا رسول الله! هاتان بنتا ثابت بن قيس، قتل معك يوم أحد، وقد استفاء عمهما مالهما وميراثهما كله، فلم يدع لهما مالاً إلا أخذه، فما ترى يا رسول الله؟ فوالله لا تنكحان أبداً إلا ولهما مال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقضي الله في ذلك، قال: ونزلت سورة النساء: ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)) [النساء:١١] الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا لي المرأة وصاحبها؟ فقال لعمهما: أعطهما الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فلك).

قال أبو داود: أخطأ بشر فيه، إنما هما: ابنتا سعد بن الربيع، وثابت بن قيس قتل يوم اليمامة].

أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: (أن امرأة ثابت بن قيس) والصواب أنها امرأة سعد بن الربيع، كما بين ذلك أبو داود في آخر الحديث؛ لأن ثابت بن قيس بقي إلى ما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، واستشهد يوم اليمامة مع الجيوش التي أرسلها أبو بكر رضي الله عنه لقتال المرتدين.

وفيه: أن امرأة سعد بن الربيع جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: هاتان ابنتا سعد الذي قتل معك يوم أحد، وإن عمهما استفاء مالهما، يعني: اختص بمالهما وأخذ مالهما، ولا ينكحان إلا بمال، فقال: (يقضي الله في ذلك، فأنزل الله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١١]).

فاستدعى عمهما وقال: (أعطهما الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فلك)؛ لأن عمهما يرث الباقي بعد أخذ الفروض، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر)، والفرائض هنا: ثمن للزوجة؛ لوجود الفرع الوارث، والبنتان لهما الثلثان، كما قال الله عز وجل: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء:١٧٦].

والأسواف: مكان من الحرم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>