نود الكلام على أهمية كتب التراجم لطالب العلم، وهل الأفضل في هذا الباب كتاب سير أعلام النبلاء أم البداية والنهاية؟
الجواب
لا يقال: الأفضل هذا أو هذا، وإنما كتب العلم يكمل بعضها بعضاً، وفي هذا ما ليس في هذا، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يقرأ في هذا وفي هذا؛ ليحصل على ما عند هذا وهذا من العلم، فقد يأتي في هذا ما ليس في ذلك، فكون الإنسان يقتني (سير أعلام النبلاء) للذهبي، أو (يقتني البداية والنهاية)، أو يقتني غيرها من كتب التراجم فهذا أمر طيب، فعلى طالب العلم أن يحرص عليه؛ لأنَّ من أهم المهمات الوقوف على تراجم الرجال وأحوالهم ومنزلتهم من حيث الثقة والضعف، ومن حيث قبول الرواية وعدمه، وليس أمام الناس في هذا إلا كتب الرجال، فكتب الرجال هذه من المهمات في معرفة الرجال، فهي التي تعنى بذلك وتهتم به، فعلى الطالب أن يقتنيها حتى يقف على ما فيها من الكنوز المدفونة في هذه التراجم.
وقد يأتي في الكتاب أحياناً فوائد لا يحصلها الإنسان إلا بأن يقرأ الكتاب كاملاً فيحصلها أو يعثر عليها قدراً، وذلك في مثل كتاب (فتح الباري)، فكتاب (فتح الباري) ليس كتاب تراجم، ولكنه يشتمل على ذكر التراجم عندما يذكر الإسناد، فيعرف بالرجل بعبارات دقيقة ومختصرة، وهو مشتمل على علم جم، فالإنسان يحرص على كتب العلم، سواءٌ أكانت كتب رجال أم غيرها، وعليه أن يقرأها ويطلع على ما فيها من الحكم التي تحرك القلوب، وتؤثر في النفوس، والتي تجعل الإنسان يعرف ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الاستقامة وملازمة التقوى والعبادة، ومن الاشتغال بالعلم وبذله، فهناك كلمات عظيمة وكنوز مدفونة يجدها الإنسان في هذه الكتب، فالذي أوصي به هو اقتناء كتب الرجال، والعناية بها، ومطالعتها، والاستفادة منها؛ ففيها الخير الكثير.