إذا استعار أحد مبلغاً من المال، وجعله رأس ماله في التجارة، فمن الواجب عليه الزكاة هل هو الدائن أو المدين؟ وكيف يكون إخراج الزكاة؟
الجواب
هذا الفعل لا يسمى استعارة؛ فإن الاستعارة هي أخذ عين ينتفع بها ويرجعها، وذلك كأن يستعير قدحاً، أو يستعير إناءً، أو يستعير خيمة، أو يستعير فراشاً، فينتفع به، ثم يرجع عينه، فهذا استفاد من منفعتها وأرجعها، وأما النقود فلا تستعار؛ لأن عينها تتلف، فلا يعقل أن يستعيرها ثم يرجعها كما كانت، فما الفائدة من استعارتها إذن؟! وقد تكون الاستعارة من أجل أن يدلس، فيوهم أن عنده مالاً، وما هو إلّا مال عارية عنده، وأما استعمال المال، وحصول الاستفادة منه فإن ذلك لا يكون إلّا عن طريق القرض.
فالإنسان إذا اقترض مالاً وجعله رأس ماله في التجارة فهو من عروض التجارة، فإنه يزكي ما عنده من نقود متوفرة عن سلع قد بيعت، وتقوّم السلع التي لم تبع، ويضم ما قوم إلى النقود المتوفرة، ويخرج ربع العشر، وذلك إذا حال عليها الحول من أول ما بدأ التجارة.
وإما الدائن الذي وجبت عليه الزكاة، فإذا كان الشخص الذي اقترض منه مليئاً بحيث إنه إذا طلب منه حقه فإنه يعطيه إياه فإنه يزكيه وكأنه موجود عنده، وإذا كان المقترض ليس عنده قدرة على إعطائه حقه فإنه يزكيه إذا قبضه لعام واحد، وليس لكل السنوات التي مضت، فالمعسر إذا أنظر فلا يزكي الإنسان على ماله الذي عند ذلك المعسر؛ لأنه قد لا يأتي، ولكن المال الذي يزكى هو المال الذي عند الموسر، فهذا المال كأنه عنده، ولو طلبه لأعطي إياه.
ولا يقال: إنّ هذا مال واحد زكي عليه مرتين، لأننا نقول: الكلام هنا على أن هذا مال لإنسان، وهذا مال لإنسان، فهذا يعتبر من ماله، وهذا يعتبر من ماله، فزكى كل واحد منهما عن ماله.