للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شرح حديث (قرأت جزءاً من القرآن)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تحزيب القرآن.

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد قال: سألني نافع بن جبير بن مطعم فقال لي: (في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أحزبه، فقال لي نافع: لا تقل: ما أحزبه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قرأت جزءاً من القرآن، قال: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه)].

أورد أبو داود هذه الترجمة باب تحزيب القرآن، أي: جعله على أحزاب وأقسام يقرأ الإنسان في كل يوم حزباً، وكما أشرت أنه روي عن الصحابة أنهم كانوا يحزبون القرآن سبعة أحزاب، بحيث يختمونه في كل أسبوع، فيجعلون البقرة والنساء وآل عمران حزباً، كما سيأتي في أثر عن أوس بن حذيفة قال: سألت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ فقالوا: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده، وأوله (ق)، على اعتبار أن سورة الفاتحة غير محسوبة، وإذا حسبت سورة الفاتحة يصير أول المفصل سورة الحجرات.

وعلى القول الثاني أن سورة الفاتحة لا تحسب، وأنه يحسب من البقرة، فيبدأ حزب المفصل من (ق)، ولهذا نجد في بعض الطبعات القديمة للمصحف أن السور التي هي بدء الحزب يكون لها شكل معين في رسم الصفحة الأولى، مثل الإسراء والصافات و (ق) مثلاً، توضع علامات على هذه الأحزاب السبعة التي جاءت في أثر أوس بن حذيفة الذي سيأتي.

قوله: [(سألني نافع بن جبير بن مطعم، فقال لي: في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أُحِّزبه)].

يعني: في كم تقرأ القرآن؟ وهل لك حزب معين تلتزم به؟ قال: ما أحزبه.

أي أنه ما كان يقرأ بأحزاب، وإنما يقرأ من غير أن يحدد.

قوله: [قال: لا تقل: ما أحزبه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (قرأت جزءاً من القرآن)].

وهو مقدار من القرآن.

قوله: [(حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة)].

أي: حسبت أنه ذكر الحديث عن المغيرة بن شعبة، فهذا شك في إضافته إلى ذلك الصحابي.

وقوله: (لا تقل: ما أحزبه).

نهاه عن عدم التحزيب؛ لأن القرآن يقسم أقساماً وأجزاءً وأحزاباً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>