[شرح حديث (ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من نوى القيام فنام حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضيٍّ أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة)].
أورد أبو داود رحمه الله [باب من نوى القيام فنام].
يعني: غلبه النوم وكان ينوي القيام، أي: ومن عادته أنه يقوم، ولكنه حصل له أنه غلبه النوم، فإن الله يكتب له أجر قيامه ذلك الذي كان يعمله في الحالات التي لم ينم فيها، فيكتب الله له أجر قيامه، ويكون نومه عليه صدقة، أي أنه استفاد من الأجر كالأجر الذي كان يحصله لو صلى، وهذا النوم الذي حصل له يكون صدقة عليه، فيكون قد استفاد الأجر والنوم، وهذا -كما هو معلوم- في حق من كان حريصاً على الصلاة، وكان ملازماً لها ولكنه حصل له في بعض الأحيان أن غلبه النوم، فإن الله تعالى يثيبه ويأجره مثلما كان يأجره وهو مستيقظ يصلي لم يحصل له نوم، وهذا من فضل الله وكرمه وإحسانه.
ومعلوم أن الإنسان حين ينوي الخير ويقصده ويعزم عليه ولا يتمكن منه فإن الله يأجره على ذلك.
وأما الحديث الذي يروى ويذكر بلفظ:(نية المؤمن خير من عمله) فهو غير صحيح، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة تبوك:(إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم العذر) يعني أنهم مجاهدون بنياتهم، وصاروا في حكم المجاهدين، ولهذا قالوا: يكون الجهاد باللسان، وبالمال، وبالنفس، وبالنية.
وهذا من فضل الله عز وجل وكرمه وإحسانه، وهو أنه يثيب المؤمن على نيته وعلى قصده.