[شرح حديث (سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار، سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم).
قال أبو داود: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضاً].
قوله: [(لا تستروا الجدر)] المقصود بذلك ستر الجدر بالأمشة والستائر ونحوها، وهذا جاء فيه حديث عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لم يأمرني الله فيما أنعم علي أن أستر الحجارة والطين)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على ترك ذلك، وجمهور العلماء على كراهيته، وذلك لما فيه من الإسراف، ولما فيه من الخيلاء أو الاستكبار، وبعض أهل العلم قال بالتحريم، وهو أبو نصر المقدسي، وقد ذكر ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب:(آداب الزفاف)، وذكر ما يتعلق بهذه المسألة، وأن الجدر لا تستر بالسجاد ولا بغير، وذكر حديث عائشة الذي أشرت إليه، أما هذا الحديث فضعيف لا يحتج به، ولكن جاء في معناه من ناحية أن الجدر لا تستر حديث عائشة الذي في صحيح مسلم، وهذا بالنسبة للجدر، وأما الأبواب والنوافذ فلا بأس بسترها للحاجة إلى ذلك، وذلك أنه إذا فتح الباب كان فيه حصول اطلاع على من في الداخل والخارج، فكونها تستر بستائر بحيث يحصل معها دخول الهواء ودخول الريح من غير كشف فلا بأس بذلك، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم لما كان في مرض موته كشف الستار ورأى الناس يصلون خلف أبي بكر فسر صلى الله عليه وسلم.
إذاً: ستر الأبواب والنوافذ لا بأس به، وأما ستر الجدر فهو الذي لا يصلح، كما جاء في حديث عائشة.