[شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، ومن شر الغنى والفقر)].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات:(اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ومن عذاب النار ومن شر الغنى والفقر) وفتنة النار قيل: المقصود بذلك ما يحصل من التوبيخ والتقريع الذي يحصل لهم في النار كما قال الله عز وجل: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}[الملك:٨]، وعذاب النار هو حصول العذاب فيها.
وفتنة الغنى هو الغنى الذي يكون معه الطغيان، وفتنة الفقر هو الذي يكون معه عدم الصبر أو الأمور التي لا تحمد عقباها، كأن يقدم الإنسان على أن يحصل المال عن طريق حرام بسبب الفقر الذي قد حصل له، فالغنى يمكن أن يكون نعمة أو يكون نقمة، وهو بلاء كما قال الله عز وجل:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء:٣٥]، فإن البلوى تكون بالخير وتكون بالشر، والإنسان إذا أعطي المال ولم يشكر الله عز وجل على هذه النعمة، وحصل له الطغيان والإفساد بالمال، وصرفه في الأمور التي لا تجوز؛ يكون الغنى وبالاً عليه، والله تعالى يقول:{كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}[العلق:٦ - ٧] فيحصل بسبب الغنى الطغيان من بعض الناس، يقول الله عز وجل:{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ}[الشورى:٢٧].
ومن الناس من يستعمل المال في طاعة الله، ومن الناس من يستعمله فيما يعود عليه بالخير كما كان الصحابة رضي الله عنه وأرضاهم، مثل عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما من أثرياء الصحابة الذين كانوا يصرفون أموالهم في سبيل الله عز وجل، فانتفعوا بذلك دنيا وأخرى، ونفعوا غيرهم، ويعود ثواب ذلك عليهم حيث ينفقون أموالهم في سبيل الله عز وجل.
والفقر وهو قلة ذات اليد فتنة، فقد يجعل الإنسان يقدم على سرقة أو يقدم على تسخط أو تألم وعدم صبر وما إلى ذلك من الأمور التي تترتب على الفقر الذي لا يكون معه صبر، فإن الشكر مع الغنى والصبر مع الفقر من الصفات المحمودة.