شرح حديث ابن عباس:(أُبينيّ! لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثني سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (قدمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات، فجعل يلطح أفخاذنا ويقول: أُبينيَّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) قال أبو داود: اللطح: الضرب اللين].
حديث ابن عباس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم أن ينصرفوا، وكانوا أغيلمة، تصغير غلمان، وكانوا على حمر فجعل يلطح أفخاذهم -وهو الضرب الخفيف اللين يداعبهم ويقول:(أبيني) وهو مأخوذ من الأبناء.
قوله: [(لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس)] هذا الحديث يدل على أن الرمي يكون بعد طلوع الشمس وأنه لا يكون قبلها.
وبعض أهل العلم تكلم في هذا الحديث من جهة إسناده، وقالوا: إن العرني لم يسمع من ابن عباس، وحديثه عنه مرسل، ولكنه جاء من طرق أخرى وأيضاً لا تسلم من مقال، ولكن قد صححه بعض أهل العلم.
وجاء عن بعض الذين قدمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رموا قبل طلوع الفجر، فهذا يدل على أن الرمي جائز في آخر الليل إذا انصرفوا، ولكن كون الرمي يكون بعد طلوع الشمس هو الأولى والأفضل.
قوله: [(فجعل يلطح أفخاذنا)].
يعني: يضربها ضرباً ليناً، وهو بذلك يداعبهم ويؤنسهم صلى الله عليه وسلم.
أما كون الأقوياء الذين ذهبوا مع محارمهم يرمون بعد طلوع الشمس والضعفة يجوز لهم الرمي قبل طلوع الفجر فلا وجه للتفرقة، وأنه لا بأس بأن يرمي الأقوياء مع الضعفاء قبل الفجر، لكن الأولى ألا يرمون إلا بعد طلوع الشمس، وإذا رموا قبل ذلك فقد صح رميهم.