قال:[وهذه الأحاديث ليس منها في كتاب ابن المبارك ولا كتاب وكيع إلا الشيء اليسير، وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل].
يعني: أن ما في كتابه ليس في كتب هؤلاء منه إلا الشيء اليسير، وعامة ما عندهم مراسيل، يعني: فيها انقطاع.
قال رحمه الله:[وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح، وكذلك من مصنفات حماد بن سلمة وعبد الرزاق، وليس ثلث هذه الكتب فيما أحسبه في كتب جميعهم، أعني مصنفات مالك بن أنس وحماد بن سلمة وعبد الرزاق].
هذا فيه إشارة إلى كثرة ما فيه من الأحاديث الزائدة التي لا توجد عند هؤلاء في مصنفاتهم.
قال رحمه الله:[وقد ألفته نسقاً على ما وقع عندي، فإن ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديث واهن].
وهذا فيه بيان معرفة قدر هذا الكتاب وعظيم منزلته عند مؤلفه، وليس مقصود أبي داود وغيره ممن يثني على مؤلفه التبجح والغرور، وإنما المقصود من ذلك النصح للمسلمين، وحرصه على أن يستفيدوا من هذا الكتاب الذي أفنى كثيراً من عمره في جمعه وترتيبه وتنظيمه وتأليفه، فالمقصود من ذلك النصح وبعث الهمم والترغيب والتشويق إلى الكتاب، والعناية به ودراسته والاستفادة منه، فهذا هو المقصود من هذا الثناء على كتابه.
وهذا يفيد أن كتابه جامع، وأنه استوعب واستقصى، وقد عرفنا فيما مضى أنه كان يترك الطرق المتعددة التي هي موجودة فيما يورده حتى لا يكبر حجم الكتاب.
وقوله:(وإما حديث واهن) هذا على حسب علمه، وليس معنى هذا أنه لا يوجد حديث صحيح ليس عند أبي داود، بل كما هو مشاهد ومعاين أن في صحيح البخاري أحاديث كثيرة ليست عند أبي داود ولكن هذا على حسب علمه واستقصائه، وعلى حسب جهده الذي بذله.