[شرح حديث: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود، فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت؛ إني قد بدنت)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب ما يؤمر به المأموم من متابعة الإمام.
يعني: كونه يأتي بالأفعال بعد الإمام.
الحالات التي تكون بين الإمام والمأموم من حيث متابعته أربع حالات: مسابقة, وتخلف، وموافقة، ومتابعة, فهذه الأربع الحالات تجري من المأموم مع الإمام، فإما أن يسابق المأموم الإمام أو يتخلف عنه أو يتابعه أو يوافقه، والمسابقة والتخلف والموافقة كلها لا تفعل، وقد قال العلماء: إن المسابقة والتخلف محرمة؛ لأنها تنافي الائتمام، وأما الموافقة فهي مكروهة وأما المتابعة فهي سنة.
والمسابقة: هي أن يركع قبل ركوع الإمام.
والتخلف: أن يتخلف عن الإمام بأن يفرغ الإمام من الركوع وهو لم يركع.
والموافقة: النزول مع الإمام تماماً لا يتقدم ولا يتأخر.
المتابعة: بعدما يشرع الإمام في الركن ويستقر فيه يتابعه فيه، بمعنى أنه إذا استقر راكعاً يبدأ بالركوع ولا يركع معه بحيث يساويه، ولا يتأخر عنه ولا يسابقه, بل يتابعه، فهذه هي السنة.
أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبادروني بركوع ولا سجود) يعني: لا تسبقوني ولا تفعلوا مثل ما أفعل معي مباشرة، بل إذا أخذت في الركوع فاركعوا؛ لأن الجزء الذي يسبقهم فيه في الأول هم يتأخرون فيه عندما يرفع فيكون مقدار ركوعهم هو مقدار ركوعه تماماً، فلا يزيد الإمام على المأمومين بشيء؛ لأنه استقر راكعاً في الركوع وهم جاءوا بعده، لكنه عندما يرفع هم باقون في الركوع، فصار المقدار الذي فعلوه بعدما رفع يقابل الشيء الذي تقدمهم به، فصار مقدار ركوعهم هو مقدار ركوعه تماماً، فمعنى هذا: أنني إذا ركعت وأنتم جئتم بعدي أنا أرفع وتجيئون بعدي، فيكون مقدار ركوعكم مثل مقدار ركوعي.
قوله: [(فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت)].
يعني: أنتم إذا فعلتم هذا الفعل لأجل أن يحصل لكم مثل ما يحصل لي، فالذي سبقتكم به عند الركوع يعوضه بقاؤكم عندما أرفع فتكونون قد ركعتم مثل ما ركعت؛ لأنني سبقتكم في البداية وأنتم تأخرتم عني في النهاية، وهذا التأخر ليس تأخراً طويلاً، وإنما هو بمقدار شروع الإمام في الركن الذي وراءه.
قوله: [(إني قد بدنت)].
فسر بأنه قد طعن في السن، أو أنه قد زاد لحمه.