للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث أبي هريرة (أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الوتر قبل النوم.

حدثنا ابن المثنى حدثنا أبو داود حدثنا أبان بن يزيد عن قتادة عن أبي سعيد من أزد شنوءة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر: ركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيام من الشهر، وألا أنام إلا على وتر)].

كون الإنسان يأتي بوتره قبل أن ينام هذا فيه تفصيل: فإذا كان الإنسان لا يثق أن يقوم آخر الليل فلا ينام إلا وقد أوتر، وأما إذا كان يثق من قيام آخر الليل فيكون وتره في آخر الليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً).

وقوله عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر له ما قد صلى).

والوتر يكون في أول الليل ووسطه وآخره، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه أوتر من أول الليل ووسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر)، وأنه مات صلى الله عليه وسلم وكان يوتر في آخر الليل.

إذاً: من وثق بأنه يقوم آخر الليل فليجعل وتره في آخر الليل، ومن لم يكن كذلك فليوتر قبل أن ينام؛ لئلا يعرض وتره للفوات بأن يغلبه النوم فلا يستيقظ إلا بعد أن ينتهي وقت الوتر الذي هو طلوع الفجر.

قوله: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أنام على وتر)] يعني: أنه يوتر قبل أن ينام، والحديث ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة، لكن ليس فيه ذكر الحضر والسفر، وإنما ثبت عن أبي هريرة في صحيح البخاري ومسلم أنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام) وهذا يدل على الاهتمام والعناية بهذه الأمور الثلاثة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها.

وقول أبي هريرة: [خليلي] لا ينافي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً)؛ لأن هذا من أبي هريرة وليس من الرسول صلى الله عليه وسلم، والمنفي هو كون النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ خليلاً، والمثبت هنا كون أبي هريرة اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم خليله، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يتخذ أبا هريرة خليلاً حتى يقال إن فيه معارضة، وغاية ما في الأمر أن أبا هريرة قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم خليلي).

قوله: (ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام)، رواية الصحيحين ليس فيها ذكر الحضر والسفر، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يترك الوتر لا في الحضر ولا في السفر، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه كان يصوم ويفطر في السفر، ولكن حيث وجدت المشقة فالفطر أفضل، وحيث لم توجد فإنه لا بأس بالصيام.

وركعتا الضحى جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة في حديث أم هانئ: (أنه صلى ثمان ركعات وذلك ضحى) فيحتمل أن تكون هي صلاة الضحى ويحتمل أن تكون شكراً لله عز وجل على الفتح الذي حصل له، وهو فتح مكة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>