للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث: (صالح رسول الله أهل فدك)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري في قوله: (((فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ)) [الحشر:٦] قال: صالح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهل فدك وقرى قد سماها لا أحفظها، وهو محاصر قوماً آخرين، فأرسلوا إليه بالصلح، قال: ((فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ)) [الحشر:٦] يقول: بغير قتال).

قال الزهري: وكانت بنو النضير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خالصاً لم يفتحوها عنوة، افتتحوها على صلح، فقسمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين لم يعط الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة].

سبق أن مرت جملة من الأحاديث تحت هذا الباب: باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، وعرفنا أن المقصود من ذلك: ما يتعلق بالأراضي والنخيل وغير ذلك من الأشياء الثابتة التي لم تقسم وتوزع على الناس، وإنما بقيت أصولها ثابتة محبسة، وثمرتها وغلتها تصرف في المصارف التي يراها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أورد أبو داود هذا الحديث الذي هو مرسل عن الزهري في قوله: {فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر:٦] قال: (صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل فدك وقرى وقد سماها لا أحفظها) يعني: قرى أخرى مع فدك.

قوله: [(وهو محاصر قوماً آخرين)].

قيل: إنها خيبر أو بعض خيبر.

قوله: [(فأرسلوا إليه بالصلح)].

يعني: يطلبون منه أن يصالحوه.

قوله: [(قال: {فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر:٦] يقول: بغير قتال)].

هذا تفسير لقوله: (فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) يعني: من غير قتال، وإنما حصلت بالرعب والخوف الذي جعل الأعداء يستسلمون ويصالحون.

قوله: [قال الزهري: وكانت بنو النضير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خالصاً لم يفتحوها عنوة، افتتحوها على صلح].

يعني: صارت فيئاً يصرف في مصالح المسلمين ولا تخمس؛ لأنها ليست من الغنائم.

قوله: [فقسمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين، لم يعط الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة].

قسمها بين المهاجرين؛ لأنهم أصحاب حاجة، ولأنهم تركوا أموالهم وبلادهم وخرجوا منها لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما الأنصار فكان عندهم أموال، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار أول ما قدموا المدينة.

وقوله: (ولم يعط الأنصار إلا اثنين كانت بهما حاجة) ومعنى هذا أنها ليست للمهاجرين خاصة، وإنما هي للمهاجرين والأنصار.

والحديث مرسل؛ لأن الزهري من صغار التابعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>