قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن قال: لا يحلب.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحلبن أحد ماشية أحد بغير إذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته، فينتثل طعامه، فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه).
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب فيمن قال لا يحلب.
يعني: أن ابن السبيل أو الذي يمر بالغنم لا يحلب منها شيئاً إلا بإذن صاحبها وإذا لم يكن صاحبها، موجوداً ليأذن له فإنه لا يحلب.
وقد أورد حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحلبن أحد ماشية أحد بغير إذنه).
نعم إذا كان موجوداً فإنه يستأذنه كما سبق أن مر في الحديث، وإذا لم يكن موجوداً ولم يره فإنه ينادي ثلاثاً حتى يتبين له مكانه، فإن لم يجده وكان محتاجاً فإنه يشرب ولا يحمل، فيحمل ما جاء في هذا الحديث على غير الحاجة، أما إذا كان محتاجاً فقد رخص له كما جاء في الحديث السابق، وعلى هذا يوفق بين هذا الحديث وبين ذاك الحديث السابق.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته؟).
والمشربة: هي الغرفة المرتفعة يكون فيها الشيء الذي يخزن، (فتكسر خزانته فينتثل طعامه) يعني: يفرق أو يؤخذ منه شيء، وضروع مواشيهم هي مثل هذه الخزانة، وكما أن الإنسان لا يجب أن يؤتى إلى مشربته وتنتثل الخزانة فكذلك لا يأتي للضروع ويستخرج ما فيها، ولكن هذا كما هو معلوم محمول على غير الحاجة، وأما مع الحاجة فقد مر في الحديث السابق ما يدل على الرخصة.