[شرح حديث:(إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حسن الخلق.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب -يعني: الإسكندراني - عن عمرو عن المطلب عن عائشة رحمها الله قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله هذه الترجمة:[باب في حسن الخلق].
وكتاب الأدب الذي نحن في صدد الكلام فيه كله يتعلق بالأخلاق والآداب، سواء ما كان منها مرغب فيه، أو ما كان منها مرهب ومحذر منه، وهنا حسن الخلق لفظ عام يشمل الأخلاق الكريمة والمعاملة الطيبة للناس، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما سأله بعض الصحابة أن يوصيه قال:(اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن).
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، ومعلوم أن الصائم القائم عنده تعب ومشقة في كونه يقوم الليل ويصلي الصلوات التي يتطوع فيها لله عز وجل، وكذلك يصوم النهار، فإن ذلك فيه مشقة عليه، ومعلوم أن الأجر حاصل للصائم القائم؛ لأنه يجاهد نفسه في القيام بهذه الأمور التي فيها مشقة وتعب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)، والطريق إلى الجنة لا بد فيه من تعب ونصب، ولا بد فيه من مشقة، فصاحب حسن الخلق يكون في درجة هؤلاء، وذلك أن أولئك يجاهدون أنفسهم، وهذا يجاهد نفسه في معاملة الناس المعاملة الطيبة، فيخالقهم بالأخلاق الحسنة، فكونه يروض نفسه ويجاهدها على ذلك فإنه يحصل بذلك درجة الصائم القائم الذي أتعب نفسه وفعل تلك الأمور التي فيها مشقة على النفس، فيكون الصائم القائم بتعبه ونصبه ومشقته له أجر عظيم، وكذلك الذي يجاهد نفسه في مخالقة الناس بخلق حسن، ويعاملهم معاملة طيبة، فإنه يحصل من الأجر مثل أجر الصائم القائم.
والحديث فيه ترغيب في حسن الخلق، وبيان فضله، وعظيم أجره عند الله عز وجل.