[شرح حديث:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل)].
أورد أبو داود حديث عائشة وابن عباس [(أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل)] يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف ذلك اليوم إلى الليل، وهذا يخالف ما تقدم من أنه أفاض في النهار، وأنه صلى الظهر بمنى أو بمكة على اختلاف في الأحاديث الصحيحة في ذلك، والحديث إذا صح فإنه يحمل على أنه أذن لأصحابه أن يؤخروا الطواف إلى الليل، ولهذا نظائر في كونه يأتي ذكر العمل مضافاً إليه والمراد أصحابه؛ لأن ذلك بإذنه صلى الله عليه وسلم وبإرشاده وتوجيهه، ومن العلماء من قال: إن هذا الذي أخره إلى الليل إنما هو الذهاب إلى مكة في غير يوم العيد في الليالي الأخرى وهو طواف تطوع، وأنه كان يزور البيت، لكن هذا غير واضح؛ لأن المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دخل البيت إلا ثلاث مرات: مرة عند طواف القدوم، أول ما قدم مكة، ومرة عند طواف الإفاضة يوم العيد، ومرة عند طواف الوداع ليلة الرابع عشر، لما انصرف من منى وبات بالمحصب، ومشى آخر الليل وطاف طواف الوداع، وذهب من مكة إلى المدينة صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من ضعف الحديث من جهة أن أبا الزبير مدلس، وقد رواه بالعنعنة عن عائشة وعن ابن عباس، وعلى كل فالمحفوظ والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء في حديث جابر وحديث ابن عمر وغيرهما، وهناك أحاديث صحيحة تدل على أنه أفاض ضحى يوم النحر.