[شرح حديث:(كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت.
حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران -يعني الجوني - عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر! كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة، -أو قال: يؤخرون الصلاة؟ - قلت: يا رسول الله! فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلها فإنها لك نافلة)].
قوله:[باب: إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت] يعني: فما الحكم؟ هل يؤخر المرء الصلاة إلى أن يصلي مع الإمام، أم أنه يصلي الصلاة في وقتها ويصلي معه، وتكون الصلاة الأخيرة نافلة؟ والمقصود بالتأخير عن الوقت هو التأخير عن الوقت الاختياري إلى الوقت الاضطراري، كأن تؤخر صلاة العصر إلى اصفرار الشمس، وتؤخر صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل، وليس المقصود التأخير بها عن وقت الصلاة، كأن يؤخرون صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، أو العصر يؤخرونه إلى ما بعد الغروب، وإنما المقصود أنهم يؤخرونها عن الوقت الاختياري ويوقعونها في الوقت الاضطراري، والسنة جاءت بأن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها وتكون هي الفريضة، وإذا أدركها معهم فإنه يصليها معهم نافلة، ويكون في ذلك جمع بين الإتيان بالصلاة في وقتها الاختياري وبين جمع الكلمة وعدم الفرقة ومتابعة الأئمة في الصلاة.
فالأولى هي الفريضة والثانية هي النافلة، وكون الإنسان يؤدي الفرض ثم يصلي الصلاة مرة أخرى لسبب من الأسباب كوجود جماعة ثانية لا بأس بذلك؛ لأن السنة جاءت بأن الإنسان إذا صلى صلاة ثم وجدت جماعة فإنه يصلي معها ولو كان ذلك الوقت وقت نهي، مثل بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة العصر، وقد جاء في الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى الفجر، فلما صلى رأى رجلين لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما فجيء بهما ترتعد فرائصهما، فقال:(ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا.
فقال: لا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه، فإنها له نافلة) أما كون الإنسان يصلي صلاتين متعمداً بحيث يزيد عن الخمس الصلوات فهذا لا يجوز؛ لأن الصلوات خمس، ولكن حيث يصلي الفرض ثم يجد جماعة ويصلي معها فإن تلك تكون له نافلة.
إذاً: هذه الصلاة الأخرى إذا كان لها سبب سائغ لا بأس بها ولو كان ذلك في أوقات النهي؛ لأن هذا مما يستثنى من قوله:(لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس).
وقوله [(أو قال: يؤخرون الصلاة؟)] هو شك من الراوي، ومعنى:(يميتونها) يؤخرونها عن وقتها الاختياري.