[شرح حديث ابن عباس في جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر]
قال المصنف رحمه الله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، في غير خوف ولا سفر) قال مالك: أرى ذلك كان في مطر، قال أبو داود: ورواه حماد بن سلمة نحوه عن أبي الزبير، ورواه قرة بن خالد عن أبي الزبير قال: في سفرة سافرناها إلى تبوك].
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:(أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر)، وكان هذا في المدينة، وجاء في بعض الروايات:(من غير خوف ولا مطر) وكان هذا في المدينة، وستأتي طرق أخرى عن ابن عباس في ذلك، وأنه لما سئل قال:(أراد أن لا يحرج أمته)، فدل هذا على أنه إذا حصل أمر يقتضي ذلك الجمع في الحضر، وكان نادراً وليس معتاداً أنه لا بأس به، وبعض أهل العلم قال: إن ذلك يكون في المرض؛ لأنه غير الخوف والمطر والسفر، لكن تخصيصه بالمرض ليس له وجه، بل الأمر واسع كما قال ابن عباس:(أراد أن لا يحرج أمته)، فإذا حصل أمر اقتضى واستدعى ذلك في نادر الأحوال فإنه لا بأس به لهذا الحديث، وأما كونه يصير مألوفاً ومعتاداً فليس ذلك سائغ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما عرف عنه أنه فعل ذلك إلا مرة واحدة، كما جاء في حديث ابن عباس هذا، وقال: إنه إنما فعل ذلك يريد أن لا يحرج أمته صلى الله عليه وسلم.
وقوله:(من غير خوف ولا سفر) هذان من مسوغات الجمع كما في الحديث.
فالخوف يسوغ الجمع، ويسوغ أموراً أخرى للصلاة كما هو معلوم خاصة، بل جاء في بعض الأحاديث أنها تصلى واحدة، وأنها تصلى على هيئات مختلفة.