[شرح حديث (الفطرة خمس أو خمس من الفطرة)]
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في أخذ الشارب.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: (الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب).
].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في أخذ الشارب، وعبر هنا بالأخذ ليشمل كل إزالة للشعر الذي على الشفة العليا الذي هو الشارب، فيدخل فيه القص، ويدخل فيه المبالغة فيه، لأن كلمة (الأخذ) عامة، تشمل الأخذ من الشارب، أو إزالة الشارب مطلقاً على أي وجه كانت.
وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بألفاظ مختلفة تتعلق بالشارب، منها الجز، ومنها القص، ومنها الإحفاء، ومنها الإنهاك، وأما الحلق فلا أعرف نصاً فيه الحلق، ومن العلماء من قال: إن الإنهاك هو المبالغة في الأخذ، وإنه قد يؤدي إلى الحلق، فتعبير المصنف رحمه الله بقوله: (أخذ الشارب) يشمل كل أخذ للشارب على أي وجه كان.
وأورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (خمس من الفطرة، أو الفطرة خمس) وهذا شك من أحد الرواة هل قال هذا أو قال هذا.
قال: (الختان) وهو قطع الغلاف الذي على حشفة الذكر من الإنسان، وقطع طرفي ما يكون من المرأة.
وهو في حق الرجال واجب ومتعين، وأما في حق النساء فهو مستحب، وذلك لأن أخذه من الرجال فيه تحصيل الطهارة، لأنه إذا كان تلك القلفة موجودة فإن النجاسة تكون في ذلك الغلاف الذي يغطي الذكر، فجاءت الشريعة بإزالته وقطعه.
وقوله: [(الاستحداد)].
الاستحداد هو: إزالة العانة، وقيل له الاستحداد لأنه أخذ الشعر النابت حول القبل بالحديدة التي هي الموسى.
وقوله: [(ونتف الإبط)].
يعني: نتف الشعر النابت على الإبط، وينتف لأنه يكون في مكان يكون فيه العرق، وتتغير فيه الرائحة، فإزالته بالنتف تكون أمكن، وإذا كان لا يمكن إلا بالحلق فإنه يحلق ولا بأس بذلك، ولكن النتف هو الأولى.
قوله: [(وتقليم الأظفار)].
تقليم الأظافر مأخوذ من القلم وهو القطع، وليس هناك شيء يدل على الترتيب في تقليم الأظفار، لأنه لم يرد في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض الفقهاء يقولون: بأنها تقلم ليس على سبيل الترتيب، وإنما على سبيل التفاوت، يعني: يقلم أصبعاً ويترك التي بجانبها، ثم يقلم الأصبع التي تليها، ويرتبونها بحروف، وذلك بأن تكون اليمنى بترتيب لفظ: (خوابس) أي: الخنصر ثم الوسطى، ثم الإبهام، ثم يرجع إلى البنصر ثم السبابة، واليسرى بلفظ: (أوخسب) يبدأ بالإبهام، ثم الوسطى، ثم الخنصر، ثم يرجع إلى السبابة ويصير بعد ذلك إلى البنصر.
ترتيب يمناها بلفظ خوابس وترتيب يسراها بلفظ أوخسب هذا قول لبعض الفقهاء؛ لكن لم يأت فيه حكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحصل التقليم كيفما اتفق.
وقوله: [(وقص الشارب)].
أتى هنا بلفظ القص، والقص هو الجز، أي: أنه يؤخذ بعضه ويترك بعضه، هذا هو القص، وهو بمعنى الجز مثلما يجز النبات، بمعنى: أنه يؤخذ منه ويترك.