للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث أبي هريرة: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: (أقم الصلاة لذكري)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: فيمن نام عن الصلاة أو نسيها.

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فسار ليلةً حتى إذا أدركنا الكرى عرس، وقال لـ بلال: اكلأ لنا الليل.

قال: فغلبت بلالاً عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى إذا ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا بلال! فقال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت وأمي يا رسول الله.

فاقتادوا رواحلهم شيئاً، ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بلالاً فأقام لهم الصلاة وصلى بهم الصبح، فلما قضى الصلاة قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:١٤]).

قال يونس: وكان ابن شهاب يقرؤها كذلك، قال أحمد: قال عنبسة -يعني عن يونس - في هذا الحديث: (لِذِكْرِي) قال أحمد: الكرى: النعاس].

قوله: [باب من نام عن الصلاة أو نسيها].

يعني: الإنسان إذا نسي الصلاة أو نام عنها فإنه يصليها حين يذكرها، ومعناه أن الصلاة لا يتأتى تأخيرها أو عدم فعلها من المسلم إلا لنوم أو نسيان، أما أن يتركها متعمداً فهذا لا يليق بالمسلم ولا يحصل من المسلم.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فسار ليلة حتى إذا أدركنا الكرى عرّس] يعني أدركهم النوم وأصابهم النعاس، فنزل صلى الله عليه وسلم ليستريح هو ومن معه، ولكن خشوا أن يغلبهم النوم وتفوت عليهم صلاة الفجر، فقال لـ بلال: [(اكلأ لنا الليل)] يعني: راقب لنا الليل وكن مستيقظاً حتى إذا جاء وقت الفجر فأيقظنا.

قوله: [(فغلبت بلالاً عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى إذا ضربتهم الشمس)] يعني: أن بلالاً جاءه النوم وهو مستند إلى راحلته حين غلبته عيناه ونام من غير اختياره، وبقي الناس نائمين حتى طلعت الشمس وأصابهم حر الشمس.

قوله: [(فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً)] يعني أنه أول من استيقظ.

قوله: [(ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بلال!)] يعني: ما الذي حصل؟ يعاتبه على نومه.

قوله: [(فقال: يا رسول الله! أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك)] يعني: النوم الذي حصل لك حصل لي.

وقوله: [(بأبي أنت وأمي يا رسول الله)] يعني: أنت مفدىً بأبي وأمي.

قوله: [(فاقتادوا رواحلهم شيئاً)].

وجاء في بعض الروايات أنهم أمروا بأن ينتقلوا عن المكان الذي أصابتهم فيه الغفلة.

قوله: [(ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بلالاً فأقام لهم الصلاة وصلى بهم الصبح)].

يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وأقام بلال وصلى بهم الصبح صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس فيه ذكر الأذان، لكن في الأحاديث الأخرى عن أبي قتادة وغيره ذكر الأذان، وكذلك -أيضاً- جاء عن أبي هريرة في بعض الروايات ذكر الأذان.

قوله: [(فلما قضى الصلاة قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)].

يعني: مثل ذلك النوم الذي حصل له، ولا يحصل عدم الإتيان بالصلاة إلا للنوم أو النسيان، وورد في بعض الأحاديث (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك).

قوله: [(فإن الله تعالى قال: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِى} [طه:١٤])].

هذه قراءة شاذة، والقراءة المتواترة هي: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:١٤].

قوله: [قال يونس: وكان ابن شهاب يقرؤها كذلك].

يعني: كان يقرؤها على هذه القراءة الشاذة.

قوله: [قال أحمد: قال عنبسة -يعني عن يونس - في هذا الحديث ((لِذِكْرِي))].

قال أحمد هو أحمد بن صالح، أحد الرواة في الإسناد.

وعنبسة هو ابن خالد الأيلي.

وقوله: [لِذِكْرِي] يعني: على القراءة المتواترة الصحيحة.

أما [للذكرى] فهذه قراءة شاذة، والقراءة المتواترة هي: (لِذِكْرِي).

<<  <  ج:
ص:  >  >>