[شرح حديث (فحذروه ثلاث مرات، ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يزيد بن موهب الرملي حدثنا الليث عن ابن عجلان، عن صيفي أبي سعيد مولى الأنصار عن أبي السائب قال: أتيت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فبينا أنا جالس عنده سمعت تحت سريره تحريك شيء، فنظرت فإذا حية فقمت، قال أبو سعيد: ما لك؟ قلت: حية هاهنا، قال: فتريد ماذا؟ قلت: أقتلها، فأشار إلى بيت في داره تلقاء بيته، فقال: إن ابن عم لي كان في هذا البيت، فلما كان يوم الأحزاب استأذن إلى أهله، وكان حديث عهد بعرس، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأمره أن يذهب بسلاحه، فأتى داره فوجد امرأته قائمة على باب البيت، فأشار إليها بالرمح، فقالت: لا تعجل حتى تنظر ما أخرجني، فدخل البيت فإذا حية منكرة، فطعنها بالرمح ثم خرج بها في الرمح ترتكض، قال: فلا أدري أيهما كان أسرع موتاً الرجل أو الحية، فأتى قومه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقالوا: ادع الله أن يرد صاحبنا، فقال:(استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن نفراً من الجن أسلموا بالمدينة، فإذا رأيتم أحداً منهم فحذروه ثلاث مرات، ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث)].
أورد أبو داود قول أبي السائب: أتيت أبا سعيد الخدري، فسمعت صوتاً تحت السرير، فنظرت فإذا حية، فقمت فقال: ما لك؟ قال: حية، قال: وماذا تصنع بها؟ قال: أقتلها، فأشار إلى دار مقابلة لداره، وقال: إن ابن عم له كان فيها، وإنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، وإنه كان حديث عهد بعرس، واستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلى أهله، فأذن له وأمره أن يذهب بسلاحه معه، حتى إذا لقيه أحد من اليهود، أو أحد يريد أن يناله بأذى يستطيع أن يدافع بسلاحه عن نفسه، فلما جاء وجد امرأته بالباب، فغضب فأهوى إليها بالرمح، وأراد أن يقتلها بسلاحه، فقالت: انتظر حتى تنظر ما في البيت، فدخل فإذا حية، فضربها بالرمح الذي معه، فجعلت تضطرب في الرمح، فقال: لا أدري أمات قبلها أو ماتت قبله، معناه: أنه مات بسرعة، وأنه حصل موته كما أنه حصل موتها.
فجاء أصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: ادع الله أن يعيده، فقال:(استغفروا لأخيكم) ثم قال: (إن نفراً من الجن أسلموا بالمدينة، فإذا رأيتم أحداً منهم فحذروه ثلاث مرات).
يعني: إذا رأيتم حيات فقد تكون من هؤلاء الذي أسلموا في صورة حيات، فحذروه ثلاث مرات، فإن عاد بعد أن حذرتموه فاقتلوه.
وهذا يدل على أنه يكون هناك إيذان وتحذير، وأنه إن بقي بعد ثلاث فإنه يقتل.
وورد هنا ثلاث مرات، وسيأتي ثلاثة أيام، ولكن يمكن أن يجمع بينهما: أن في اليوم يحذر مرة، وإن حذره ثلاث مرات في يوم واحد لكنه لا يقدم على قتله إلا بعد ثلاثة أيام، ويمكن أن يحذر في أول الأمر ثلاث مرات، ثم يترك ثلاثة أيام ويقتل بعد ذلك.