[حكم العمليات الانتحارية]
كلام الملقي: هناك أسئلة وجهت لعدة مشايخ، منها سؤال لسماحة العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله نصه: بعض الجماعات تقر الجهاد الفردي مستدلة بموقف الصحابي أبي بصير، وتقوم بما يسمى بعمليات استشهادية، وأقول: انتحارية، فما حكم هذه العمليات؟ فأجاب الشيخ: كم صار لهم؟ السائل: أربع سنوات، فقال الشيخ ناصر: ربحوا أم خسروا؟ السائل: خسروا، فقال الشيخ ناصر: من ثمارهم تعرفون.
مسألة العمليات الاستشهادية هل هناك جيش إسلامي يقاتل في سبيل الله؟ وأجاب نفسه قائلاً:
الجواب
لا، ثم قال: حين يكون هناك جهاد قائم على الأحكام الشرعية له قائد هو الذي ينظم المعارك، وهو الذي يأذن بأن ينتحر فلان في سبيل القضاء على عدد من الكفار؛ فإن هذا الفعل يجوز، والآن هذا غير موجود، ولذلك يجب سد هذا الباب حتى نهيئ الجو الذي نوجد فيه خليفة أولاً، ونوجد قائداً يأتمر بأمر الخليفة، ونوجد جنداً يأتمرون بأمر القائد وهكذا ولذلك فلا بد من: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:١٠٥].
إلى أن قال: هؤلاء الذين ينتحرون الله أعلم بعبادتهم الله أعلم بعاداتهم، قد يكون فيهم من لا يصلي وقد يكون شيوعيا.
إلى آخره.
لكن كلام الشيخ ناصر غير مستقيم؛ لأن قتل النفس لا يجوز، ولا يجوز أن يقدم الإنسان على شيء فيه قتل نفسه القتل المحقق فيكون قاتلاً لنفسه، وأما كونه يقتل في سبيل الله من غير أن يكون هو الذي قتل نفسه أو السبب في قتل نفسه فلا بأس، وكلام الشيخ ناصر فيه نظر، حتى ولو وجد الإمام.
كذلك وجه سؤال للشيخ ابن عثيمين فأجاب بقوله: الذي يجعل المتفجرات في جسمه من أجل أن يضع نفسه في مجتمع من مجتمعات العدو قاتل لنفسه، وسيعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن قتل نفسه بشيء أنه يعذب به في نار جهنم، وعجباً من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه العمليات وهم يقرءون قول الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:٢٩] , ثم يفعلون ذلك! هل يقصدون شيئاً؟! هل ينهزم العدو، أم يزداد العدو شدة على هؤلاء الذين يقومون بهذه التفجيرات؟ وكما هو مشاهد الآن في دولة اليهود حيث لم يزدادوا بمثل هذه الأفعال إلا تمسكاً بعنجهيتهم، بل إنا نجد أن الدولة اليهودية في الاستفتاء الأخير نجح فيها اليمينيون الذين يريدون القضاء على العرب، ولكن من فعل هذا مجتهداً ظاناً أنه قربة إلى الله عز وجل فنسأل الله تعالى ألا يؤاخذه؛ لأنه متأول جاهل.
وأما الاستدلال بقصة الغلام؛ فقصة الغلام حصل فيها دخول في الإسلام لا نكاية بالعدو؛ ولذلك لما جمع الملك الناس وأخذ سهماً من كنانة الغلام وقال: باسم الله رب الغلام؛ صاح الناس كلهم ربنا رب الغلام، فحصل به إسلام أمة عظيمة، فلو حصلت مثل هذه القصة لقلنا: إن هنالك مجالاً للاستدلال، والنبي صلى الله عليه وسلم قصها علينا لنعتبر بها، لكن هؤلاء الذين يرون تفجير أنفسهم إذا قتلوا عشرة أو مائة من العدو، فإن العدو لا يزداد إلا حنقاً عليهم وتمسكاً بما هم عليه.
أما سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للملكة فقد قال: ما وقع السؤال عنه من طريقة قتل النفس بين الأعداء أو ما أسميته بالطرق الانتحارية فإن هذه الطريقة لا أعلم لها وجهاً شرعياً، ولا أنها من الجهاد في سبيل الله، وأخشى أن تكون من قتل النفس، نعم إثخان العدو وقتاله مطلوب، بل ربما يكون متعيناً، لكن بالطرق التي لا تخالف الشرع.
وقال الشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان: لا شك أن من يعرض نفسه للقتل المؤكد الذي يعلم ويجزم ويتيقن أنه بهذا الفعل ستزهق روحه وتخرج روحه ويعد في عداد الأموات، إذا كان متيقناً من هذا وفعله فإنه يعد قاتلاً لنفسه، وأما إذا كان الأمر مظنوناً كمن يدخل معركة يقاتل وربما يقتل والغالب أنه ينجو، ولكن قد يكون هذا الظن الضعيف يصدق فيقتل، فإن هذا لا يعد قاتلاً لنفسه، بل إذا كان في معركة في سبيل الله لإظهار الحق وإزهاق الباطل فإنه يعتبر شهيداً.