[شرح حديث (فهذه الأيام التي كان رسول الله يأمرنا بإفطارها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صيام أيام التشريق.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يزيد بن الهاد عن أبي مرة مولى أم هانئ:(أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما طعاماً فقال: كل، فقال: إني صائم فقال عمرو: كل، فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها).
قال مالك: وهي أيام التشريق].
أورد أبو داود باباً في صوم أيام التشريق، وأيام التشريق هي: الأيام الثلاثة التي بعد يوم عيد الأضحى، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ويقال لها: أيام التشريق؛ لأنهم كانوا يقددون اللحم -لكثرته- ويذرون عليه الملح، ثم يجعلونه في الشمس لييبس؛ فيدخرونه ويأكلونه فيما بعد، وهو ما يسمى بالقديد، فقيل لها: أيام التشريق؛ لأنه يشرق فيها اللحم، ويقال لها: أيام منى، ويقال لها: الأيام المعدودات، قال تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}[البقرة:٢٠٣] التي هي أيام منى، ويوم العيد ليس من الأيام المعدودات؛ لأن الأيام المعدودات هي الثلاثة، والتعجل في اليومين يوم الحادي عشر والثاني عشر، وليس العيد منها بحيث يكون الحادي عشر هو الثاني، وإنما اليوم الحادي عشر هو الأول، ويوم العيد غير محسوب، فأورد أبو داود حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، أن ابنه عبد الله وأبو مرة مولى أم هانئ دخلا على عمرو بن العاص رضي الله عنه وكان في أيام التشريق، فقدم طعاماً فقال: كل، قال: إني صائم، فقال عمرو:(كل، فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها)].
أمر بالفطر ونهى عن الصيام، ولا يرخص في صيامها إلا لمن لم يجد الهدي كما ثبت في الصحيح عن بعض الصحابة أنه قال: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي، يعني: في الثلاثة الأيام في الحج، فقد رخص له، وغيره لا يرخص له، فهو يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله إذا كان متمتعاً أو قارناً.
أما غير ممن وجد الهدي فإن عليه أن يكون مفطراً ولا يجوز أن يصوم أيام التشريق.