للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الستر على المسلم.

حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة)].

أورد أبو داود باباً في الستر على المسلم، أي: الستر على المسلمين وعلى عورات المسلمين، والستر ينقسم الناس فيه إلى قسمين: القسم الأول: من كان لا يعرف بريبة ولا يعرف بشر، وإنما حصل منه الشيء لأول مرة فإنه يستر عليه.

القسم الثاني: من كان معروفاً بالسوء معروفاً بالشر، فإنه يرفع أمره إلى الوالي من أجل أن يعاقبه؛ لأنه تجرأ واستمر في الوقوع في المحرمات.

إذاً: هناك فرق بين من حصل منه زلة أو حصل منه خطأ، وبين إنسان قد اعتاد هذا الأمر المحرم والوقوع فيه.

وقد أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة) والموءودة: هي التي تدفن حية، والمقصود من ذلك: أنه رأى أهلها ذهبوا ليدفنوها فحال بينهم وبين ذلك، فكان سبباً في إحيائها؛ لأن فعلهم الذي أقدموا عليه يؤدي إلى إماتتها ودفنها حية، فعمل على تخليصها من ذلك، فكان في ذلك إحياؤها، هذا هو المقصود بالإحياء، أي: أنه سعى في بقاء حياتها، وليس معنى ذلك إحياءها بعد الموت، وإنما المعنى أنه حصل دفنها وأنه عمل على استخراجها قبل أن تخرج منها الروح.

فالمقصود من ذلك: أنه عمل على بقاء حياتها قبل الموت، وليس المقصود أنها ماتت وأنه أحياها، وإنما عمل على إبقاء حياتها وذلك بالمبادرة إلى تخليصها قبل أن تخرج منها الروح وقبل أن يحصل الموت.

والحديث يدل على فضل الستر على عورات الناس، ولكن هذا الحديث ضعيف، ولكن الأمر بالستر والحث على الستر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى، كما جاء في حديث أبي هريرة مرفوعاً: (من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة).

<<  <  ج:
ص:  >  >>