[ذكر الطرق لحديث علي في صفة وضوء النبي]
[قال أبو داود: وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي؛ لأنه قال فيه حجاج بن محمد: عن ابن جريج: (ومسح برأسه مرة واحدة).
وقال ابن وهب فيه: عن ابن جريج: (ومسح برأسه ثلاثاً)].
ذكر أبو داود رحمه الله في باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم الطرق المتعددة عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عقبها بالطرق المتعددة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، وبعد أن ختم وأنهى الطرق المتعددة عن علي رضي الله عنه عقبه بقوله: وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي، ثم ذكر أن فيه من طريق حجاج بن محمد أنه مسح رأسه مرة، ومن طريق عبد الله بن وهب أنه مسح رأسه ثلاث مرات، والعبارة هذه فيها إشكال؛ لأنه قال: حديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي والمقصود به: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد ذكر صاحب عون المعبود أن الحديث الذي أشار إليه أبو داود موجود عند النسائي، وذكره بإسناده عن حجاج عن ابن جريج عن شيبة وهو: ابن النطاح، لكن قوله: يشبه حديث علي مشكل؛ لأن حديث علي رضي الله عنه ليس فيه ذكر هذه الكيفيات لمسح الرأس ثلاثاً، أما ذكر المرة الواحدة فهي موجودة فيه، لكن حديث عثمان هو الذي جاء فيه ذكر مسح الرأس مرة واحدة وهي رواية الأكثر، وجاء في روايتين ذكر المسح ثلاثاً، وحديث علي رضي الله عنه ليس في رواياته ذكر شيء يتعلق بالمسح ثلاثاً، بل الذي فيها المسح مرة واحدة، أو المسح وعدم التنصيص على مرة أو أكثر من مرة فتكون محمولة على المرة الواحدة، فالذي يبدو والله أعلم أن العبارة فيها إشكال؛ لأن قوله: حديث شيبة يشبه حديث علي، هو عن علي، يعني: أن حديث ابن جريج عن شيبة بن نصاح هو عن علي وليس عن غيره، فكيف يكون يشبهه؟! يحتمل أن يكون أبو داود رحمه الله بعدما ذكر حديث عثمان وفيه ذكر المسح مرة واحدة والمسح ثلاثاً، وحديث علي ليس فيه ذكر المسح ثلاثاً أشار بعد ذلك إلى شيء عند علي يشبه ما جاء عن عثمان الذي تقدم من أنه جاء عنه مرة وجاء عنه ثلاثاً، وعلى هذا فتكون العبارة معناها أن حديث ابن جريج عن شيبة عن علي يشبه حديث عثمان.
وأحاديث علي التي تقدمت ليس فيها ذكر المسح ثلاثاً، فلعل أبا داود رحمه الله أراد أن ينبه إلى أن الذي جاء عن عثمان من قبل من جهة المرة والثلاث المرات قد جاء عن علي مرة من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج عن شيبة وفيه: (ومسح مرة واحدة) وجاء مرة من طريق عبد الله بن وهب عن ابن جريج عن شيبة وفيه: (ومسح ثلاث مرات)، فتكون القضية أن ما عند ابن جريج عن علي يشبه ما جاء عن عثمان يعني: من ذكر الثلاث.
وشيبة الذي يروي عنه ابن جريج هو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وهذا يوضح ما سبق أن قلت فيما مضى: إن الذين علق عنهم أبو داود لا يذكرون في كتب الرجال التي تتعلق بالكتب الستة؛ لأنه عند النسائي وحده.
فإذاً: هذا يدلنا أن الذين يشير إليهم أبو داود أو يعلق عنهم أبو داود وليس لهم رواية في الأصول المتصلة أنه لا يذكرهم أهل التراجم وأصحاب المؤلفات في التراجم الذين ألفوا على الكتب الستة كالكمال وما تفرع عنه، كتهذيب الكمال، ثم الكتب التي تفرعت بعد ذلك.
وقوله: [وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي].
وقوله: [قال فيه حجاج بن محمد عن ابن جريج: (ومسح برأسه مرة واحدة)] يعني: أن حجاج بن محمد روى عن ابن جريج عن شيبة وقال فيه: (ومسح برأسه مرة واحدة)، وهذا يتفق مع الروايات الكثيرة التي جاءت عن علي وجاءت عن عثمان، وجاءت عن غيرهم من الصحابة.
وقوله: [وقال ابن وهب فيه عن ابن جريج: (ومسح برأسه ثلاثاً)].
يعني: أن ابن وهب قال في حديث ابن جريج عن شيبة: (ومسح برأسه ثلاثاً)، وقد قلنا: إن ما جاء من الروايات في مسح الرأس ثلاثاً إما أن تكون ضعيفة وإما أن تكون صحيحة من حيث الإسناد ولكنها شاذة لمخالفتها الروايات الكثيرة التي هي الاقتصار على مرة واحدة.